بعد أقل من أسبوع على زيارته الغامضة إلى الدوحة، والتى كشفت تقارير اعلامية عن تضمنها مشاورات مع قادة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، خسر عبدالاله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ـ الذراع السياسية للتنظيم داخل المغرب ـ تكليفه بتشكيل الحكومة المغربية، بأوامر من الملك محمد السادس ملك المغرب.
وفى الساعات الأولى من صباح الخميس، أصدر الديوان الملكى المغربى بيانا أعلن خلاله إقالة بنكيران وسحب تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة بعد مرور 5 أشهر من المشاورات دون جدوى. وقال البيان إن القرار جاء لإنهاء حالة الجمود السياسى فى البلاد منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة والتى صدرت نتائجها 7 أكتوبر الماضى.
وفى أول تعليق من القيادى الإخوانى عبدالاله بنكيران، أصدر رئيس الحزب الإخوانى توجيها لكل أعضاء حزبه بعدم التعليق على القرار الملكى بتعيين بديلًا عنه لتشكيل الحكومة المغربية من الحزب نفسه. وقال فى توجيه مقتضب للأعضاء: "أعضاء الحزب مطالبون بعدم التعليق على البيان الصادر عن الديوان الملكى بتعيين رئيس حكومة جديد".
وجاء قرار الملك بعد حالة من السخط سادت الدوائر السياسية المغربية من الزيارة التى أجراها بنكيران للدوحة قبل أقل من أسبوع، والتى تزامنت مع وجود عدد من قيادات التنظيم الدولى للإخوان فى العاصمة القطرية وفى مقدمتهم راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة التونسية، بعد تأكيد العديد من التقارير الاعلامية عقد مشاورات اعتبرها مراقبون استقواء بالخارج، وضوء أخضر لتنظيم الإخوان الدولى للتدخل فى الشأن المغربى.
وأثارت زيارة بنكيران للدوحة علامات استفهام حولها لأسباب عدة، أولها أن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية منذ أن كلفه ملك المغرب محمد السادس فى أكتوبر الماضى بتشكيل الحكومة لم يغادر الرباط لأى زيارة خارجية إلا للضرورة القصوى، حيث قام بزيارة وحيدة لدولة الجوار موريتانيا لاحتواء أزمة دبلوماسية كادت تقع بين البلدين، كما أن الزيارة جاءت لحضور مؤتمر التكنولوجيات والاتصالات بقَطَر وهو فعالية لا ترتقى الى الحضور على مستوى رئيس الحكومة بنفسه.
وقبل أن يتم سحب تكليفه بتشكيل الحكومة، استنكر السياسيون المغاربة ترك بنكيران البلاد فى وقت حرج للمشاركة فى مؤتمر لا يرقى إلى المستوى، حيث يمر حزب بنكيران- المحسوب على تنظيم الإخوان الدولى - بأزمة حقيقة، بعد أن استطاع فى اعقاب الربيع العربى أن يحصل على اغلبية نيابية بعد تعديلات دستورية فتحت الحياة السياسية فى المغرب.
واستطاع الحزب استغلال الأحداث الإقليمية وشكل أول حكومة إسلامية فى المغرب فى خضم صعود الإسلام السياسى بالمنطقة، إلا أن الانتخابات التشريعية الثانية بالمغرب والتى جرت فى أكتوبر الماضى لم تمكن الحزب من صفقه مماثلة لتلك التى جاءت بحكومته الولى، حيث لم يحصل على أغلبية تمكنه من التشكيل الحكومى منفردا، لذلك لجأ الى التحالف مع أحزاب آخرى لضمان حكومة مستقرة برلمانيا.
وعلى مدار خمسة أشهر هى عمر تكليفه بتشكيل الحكومة الثانية فشل بنكيران فى اتمام صفقات سياسية مع الأحزاب الآخرى داخل البرلمان، وهو ما وضع البلاد فى مأزق بسبب عدم وجود حكومة فعلية فضلا عما يتعرض له الحزب على المستوى الشعبى من خسر رصيده، إلا أن البعض يرى فى زيارته للدوحة لجوء الى معقل الإخوان فى الوطن العربى للبحث عن حلول ودعم خارجى له فى مواجهة الأزمة وعدم خسارة مركز ثقل آخر للتنظيم فى شمال أفريقيا بعد أن خسروا مصر وتم تحجيمهم فى تونس.
وكان موقع "فاس 24" المغربى قال فى وقت سابق إن تدخل التنظيم العالمي للاخوان، في تشكيل الحكومة بالمغرب، يلوح بخطر التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي ، وفرض حلول خارجية للخروج من أزمة عرقلة الحكومة. واستشهد التقرير بالضغوط التى حاول بنكيران ممارستها على مدار الأيام القليلة الماضية حيث قام بإرسال رسائله للقصر، خلال كلمته فى الملتقى الوطنى الثانى لشباب المجال القروي بالوليدية مفادها أن تصدره للانتخابات يعنى السيطرة الكلية على مفاصل الدولة وتسيير مرافقها.
وأشار موقع "أخبارنا" إلى أن خطاب الأمين العام للعدالة والتنمية قد تغير بشكل ملحوظ منذ عودته من قطر، حيث عاد للتأكيد بشكل غير مسبوق على مرجعية الحزب الإسلامية رغم منع القانون تأسيس الأحزاب على خلفية دينية
وقال ديوان ملك المغرب إنه بمقتضى الصلاحيات الدستورية للملك بصفته المسئول على احترام الدستور وعلى حسن سير المؤسسات، وتسيير المصالح العليا للبلاد، وحرصا من الملك على تجاوز وضعية الجمود الحالية، فقد قرر أن يعين رئيس حكومة جديد شخصية سياسية أخرى من حزب "العدالة والتنمية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة