فى 19 مارس 1989، رفعت مصر رايتها على أرض طابا، لتعلن عودتها رسميًا ضمن الحدود السيادية لجمهورية مصر العربية، وعبر تاريخ كبير من المفاوضات بين مصر وإسرائيل، نجحت مصر فى استعادة أراضيها كافة.
وتحتفل مصر فى كل عام بذكرى تحرير طابا، واستعادة أخر كيلو متر كانت تستولى عليها اسرائيل، وعلى مدار سبع سنوات منذ 25 إبريل 1982 وهو تاريخ تحرير سيناء، دخلت مصر فى صراع المفاوضات على أرض طابا، ونجحت فى النهاية بالحصول على أراضيها وعودتها من الجانب الإسرائيلى.
يعود تاريخ احتلال طابا وكافة أرجاء سيناء إلى يوم 5 يونيو 1967، واحتلت إسرائيل كل سيناء بما فيها طابا، وظلت سيناء تحت الاحتلال الإسرائيلى حتى انتصار السادس من أكتوبر 1973، وبعد حرب 6 أكتوبر، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1979، حصلت مصر على تحرير سيناء بالكامل تدريجيا، إلا أن إسرائيل تعنتت فى تسليم طابا إلى الجانب المصرى، تحت دافع أن المساحة 1020 مترًا لا تقع ضمن الأراضى المصرية.
وتؤكد الكتابات التاريخية أن أول إعلان عن مشكلة طابا كان فى مارس 1982، عندما أعلن رئيس الجانب العسكرى المصرى في اللجنة المصرية الإسرائيلية أن هناك خلافًا جذريًا حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91، واتفق الجانبان على تأجيل الانسحاب من طابا وحل النزاع طبقًا لقواعد القانون الدولى وبنود اتفاقية السلام، وتحديدًا المادة السابعة والتى تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل الخلاف يتجه للتوفيق أو التحكيم.
وظلت إسرائيل تماطل فى عملية التفاوض والتحكيم لمدة أربع سنوات، إلى أن وافقت في نهاية الأمر، وشكلت مصر فريق الدفاع الذى يضم 24 خبيرا بينهم 9 من خبراء الفكر القانونى، و 2 من علماء الجغرافيا والتاريخ و5 من أكبر الدبلوماسيين و8 من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية.
وقدمت هيئة الدفاع المصرية آلاف الوثائق والمذكرات والأسانيد الجغرافية والتاريخية والقانونية، التى تؤكد حق مصر التاريخي في منطقة طابا، ومن بينها وثائق ترجع إلى عام1274م، وكذلك التقرير الشامل الذي قدمه الكابتن "أوين" عن عملية رسم خط الحدود عام1906، وتم بمقتضاها توقيع اتفاقية بين مندوبى الدولة العليا ومندوبى الخديوية الجليلة المصرية بشأن تعيين خط فاصل إدارى بين ولاية الحجاز ومتصرفية القدس وبين شبه جزيرة طور سيناء ، إضافة إلى مجموعة من الأسانيد والوثائق التاريخية من المندوب السامى البريطانى إلى الخارجية المصرية، والمخابرات المصرية عام1914 وتقارير مصلحة الحدود في عام1931، كما زارت هيئة التحكيم بعض المواقع على الطبيعة في سيناء.
وفى أول فبراير 1988 خصصت هيئة التحكيم لكل جانب أربعة أيام فى 8 جلسات صباحية ومسائية لتقديم المرافعات وكان من نصيب مصر أولوية الترافع، وتولى الدكتور أحمد الشقيرى المرافعة مصطحبًا ثلاثة من الضباط اليوغسلافيين الذين كانوا ضمن القوة اليوغسلافية من قوات الأمم المتحدة، وجاء كل من (الكولونيل راساد موزيتشي، سافيتش، فلاديمير تراجكوفتش) يوم 18 مارس 1988 للإدلاء بشهاداتهم وقد سجلت شهاداتهم فى حيثيات الحكم .
ونجحت مصر فى أن أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها فى 27 سبتمبر 1988 بأحقية مصر في ممارسة السيادة على كامل ترابها، و تم إثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة بأغلبية 4 أصوات ضد صوت واحد، واثبات 4 علامات لصالح مصر بإجماع الأصوات الخمسة، وأمتد عمل هيئة الدفاع المصرية لتنفيذ حكم التحكيم وتسليم طابا بمنشئاتها إلى مصر حتى وصلت إلى المرحلة الأخيرة بتسليم طابا فى 15 مارس 1989 ورفع العلم المصرى عليها فى 19 مارس .
ويشير المؤرخ المصرى الراحل الدكتور يونان لبيب رزق، فى كتاباته عن طابا إلى أن أهميتها تكمن بالنسبة للإسرائيليين فى أنها هى تلك الشرفة الصغيرة من الأرض المطلة على رأس خليج العقبة والممتدة على شاطئ طابا بين سلسلة الجبال الشرقية وربوة جرانيتية قليلة الارتفاع ملاصقة لمياه الخليج والتى تبلغ مساحتها 1020م2، وهى لهذا ذات أهمية بالغة لمدينة إيلات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة