بعد يوم جمعة نقابى انتخابى شاق، وقف يحيى قلاش معترفا بهزيمته مقرا برأى الجمعية العمومية للصحفيين، واصفا قرارها بانتخاب عبد المحسن سلامة بديلا له بأنه يستوجب الانحناء له، قلاش فعل هذا لأنه وإن اختلفنا معه نقابى متمرس يعرف قبل غيره أن الصحفيين لا سلطان عليهم وأن أصواتهم لا تباع ولا تشترى، والتجارب السابقة ومنها تجربته هو شخصيا عندما نجح نقيبا على حساب ضياء رشوان تؤكد ذلك..
لكن للأسف بعض من احترفوا المزايدات ومن ينتمون لفئة الحنجورية، لم يعجبهم ما قاله قلاش وراحوا يحاولون إهالة التراب على كل من لم يختر مرشحهم ووصفوه كعادتهم بالعمالة للدولة، وتعالت هتافاتهم "أصواتنا مصرية"، وكأن الأصوات التى حصل عليها عبد المحسن سلامة تنتمى لجنسيات أخرى، هذه هى كارثتنا فى مصر، أن لدينا بعض التيارات السياسية تريد أن تحتكر الوطنية لنفسها، لا ترى النزاهة والحيادية إلا إذا كانت فى صالحهم، ينقلبون فى لحظة ويتحولون من الإشادة الى الهجوم والسب والتشويه اذا لم تتحقق مصالحهم ، تعامت أعينهم عن الحشد غير المسبوق للصحفيين دفاعا عن نقابتهم ، تغافلوا عن الرفض الواضح من الأغلبية الحاضرة لكل من يريد أن يسيس النقابة أو يلونها، وأعتبروا أن عبد المحسن سلامة نجح بالدولة، وكأن عمرو بدر وجمال عبد الرحيم ومحمد سعد عبد الحفيظ وخراجة نجحوا فى انتخابات أخرى.
لم يكلف أحد هؤلاء الحنجورية المدعون نفسه ليسأل كيف سقط يحيى ونجح هؤلاء، لو سألوا بحياد وكان لديهم بقايا ضمير حى لعلموا أن الذى قال كلمته هى الجمعية العمومية وليست الدولة، الصحفيون وليست الحكومة، نجح عبد المحسن سلامة لأنه مهنى نقابى تسانده أغلبية، نجح لأن خطابه الانتخابى كان موضوعيا وتخلى عن المزايدة ومغازلة المشاعر بشعارات لا تنفع ولا تضر، نجح لأن الغالبية من أبناء المهنة المهمومين بها وبالوطن رغبوا فى التغيير.
لم يرتكن عبد المحسن إلى مؤسسة على حساب أخرى، فزمن التحكم المؤسسى فى الانتخابات ولى بلا رجعة، ولم يحتم بتيار سياسى فالنقابة بيت المهنة وليست مقرا حزبيا، سلامة استند إلى ظهير مهنى فكان الرهان الرابح فى مواجهة من أهالوا التراب على المهنة وسخروها خدمة لأغراضهم.
أمام عبد المحسن سلامة مهمة شاقة لن يصلح البناء النقابى بدونها، عليه أن يعيد اللحمة النقابية المفقودة منذ سنوات، عليه أن يلم الشمل ويغير الأجواء المشحونة، وهو يمتلك من المهارات ما يساعده على ذلك.
البدل وإن كان مهما، والوعود السكنية والصحية والخدمية وإن كانت فرض واجب وعلى النقيب أن يسرع بتحقيقها، فالمؤكد أنها لن تؤتى ثمارها فى كيان تائه بين الأحزاب والتيارات، وقبل أن يفعل سلامة أى شىء، عليه أولا أن يحقق السلام النقابى ويفى بما وعد من أن يكون نقيبا للجميع ليقدم القدوة لمن أرادوا نقيبا سياسيا أو فئويا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة