الاجتزاء هدفه سن السكاكين والخناجر لتوجيهها فى صدر وظهر الوزير وكل المنظومة الأمنية
يوم الأحد الماضى، عقد اللواء مجدى عبدالغفار، وزير الداخلية، لقاءً موسعاً مع مساعديه والقيادات الأمنية لاستعراض تنفيذ ومتابعة السياسات الأمنية وتقييم الأداء الشرطى وتفعيل الخطط، فى ظل التحديات الأمنية والتهديدات التى تواجه العمل الأمنى فى المرحلة الراهنة على كل الأصعدة.
فى الاجتماع شدد وزير الداخلية على ضرورة استمرار العمل لدعم ثقة المواطن فى قدرة أجهزة الشرطة على إنفاذ القانون وفرض هيبته بالمجتمع والتصدى بمنتهى القوة والحزم لكل من يحاول الإخلال بأمن الوطن فى ربوع البلاد، ووجه بضرورة استمرار الحملات الأمنية ضد البؤر الإجرامية وضبط العناصر المتورطة بها على غرار الحملة المؤثرة التى مازالت مستمرة بمحافظتى سوهاج وقنا حاليا.
ونأتى إلى مربط الفرس، عندما تحدث وزير الداخلية عن الموقف الأمنى بشمال سيناء، حيث قال نصا وفقا للبيان الرسمى الصادر عن الوزارة: «الأجهزة الأمنية بالتعاون مع القوات المسلحة حققت نجاحات ملحوظة لتقويض قوى الإرهاب وعناصره، وأنها مازالت صامدة تضطلع بدورها الوطنى بكل إصرار لاقتلاع جذور الإرهاب فى كل ربوع محافظة شمال سيناء، رغم ما تقدمه من تضحيات فداءً للوطن وترابه، وأن الأجهزة الأمنية لم تطلب من أى مواطن من المواطنين المقيمين بشمال سيناء منذ بدء الأحداث مغادرة منازلهم والتوجه إلى محافظات أخرى».
وقال أيضا: «الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة يضطلعان بدورهما الوطنى فى مكافحة الإرهاب وفلوله، وتوفير الأمن لجموع المواطنين بالمحافظة ومنازلهم، وإن الإرهاب يستهدف الجميع ويجب مراعاة عدم منحه الفرصة للتجاوب مع مستهدفاته المشبوهة لشق الصف، حيث إن مؤامراته لن تنجح بفضل الوعى الوطنى المستنير لجموع المواطنين، بالإضافه إلى التصدى الفاعل والحاسم من جانب قوات إنفاذ القانون لها.
وعلى غرار «لا تقربوا الصلاة»، وجدنا عددا من الكتاب، وتجار الشعارات، وكتائب قلب الحقائق، ونثر اليأس بين الناس، يجتزئون كلام وزير الداخلية من سياقه، ويركزون فقط على جملة: «وأن الأجهزة الأمنية لم تطلب من أى مواطن من المواطنين المقيمين بشمال سيناء منذ بدء الأحداث مغادرة منازلهم والتوجه إلى محافظات أخرى»، معتبرين أن هذه الجملة تنصل من مسؤولية مغادرة الأقباط للعريش وتوجههم إلى الإسماعيلية وهو تفسير غريب ومثير للضحك.
الاجتزاء هدفه سن السكاكين والخناجر لتوجيهها فى صدر وظهر الوزير، وكل المنظومة الأمنية، فى الوقت الذى لم يوجهوا كلمة نقد واحدة ضد الإرهابيين والكيانات والدول التى تمولهم.
والسؤال الخشن والغليظ: هل من المنطق والعقل، وحتى من باب القيم المهنية والوطنية أن يتم اجتزاء تصريحات وزير الداخلية من سياقها؟ وهل هذا الاجتزاء يصبّ فى خانة المصلحة الوطنية أم فى خانة مصلحة التنظيمات والجماعات الإرهابية؟
بعض الأقلام تعشق رياضة «فرد العضلات»، والظهور على أنهم الوحيدون الذين يملكون الحقوق الحصرية للمعرفة والفهم والقدرة على قراءة المشهد، وهو أمر خاطئ، ولا يوجد شخص مهما كانت قامته يمتلك كل الحقوق الحصرية للفهم والمعرفة.
ومازال كثير من الكتاب والنخب وأدعياء الثورية، يسيرون كالقطيع وراء مزاعم وادعاءات الجماعات والتنظيمات الإرهابية، بعضهم بسوء نية، والبعض الآخر بحسن نية، وهنا مكمن الخطورة الشديدة.
أنا لا أدافع عن وزير الداخلية، فأنا كتبت كثيرا منتقدا الأداء الأمنى، وحذرت من مخاطر تزايد خطر البلطجة، ولكن أنا ضد قلب الحقائق واجتزاء التصريحات من سياقها، والهجوم على الدولة فقط، وعدم الاقتراب من الجماعات والتنظيمات الإرهابية، لا من قريب أو بعيد، فى إصرار عجيب ومثير للشكوك على السير عكس اتجاه العقل والمنطق، وانتهاك صارخ لشرف الحكمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة