محمود رمضان يكتب: رسالة إلى الوالى

الخميس، 02 مارس 2017 12:00 م
محمود رمضان يكتب: رسالة إلى الوالى صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من جورج الثانى ملك إنجلترا وفرنسا والسويد والنرويج إلى الخليفة المسلم ملك المسلمين فى مملكة الأندلس صاحب العظمة والمقام الجليل.

 

"بعد التعظيم والتوقير فقد سمعنا عن الرقى العظيم الذى تتمتع بفيضه الصافى معاهد العلم والصناعات فى بلادكم العامرة، فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة فى اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم فى بلادنا التى يسودها الجهل من أربعة أركان، ولقد وضعنا بنت شقيقتنا الأميرة "دوبانت" على رأس بعثة من أشراف بنات الإنجليز تتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم وحماية الحاشية الكريمة، ولقد أرفقت مع الأميرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب".

من خادمكم المطيع جورج ملك إنجلترا .

 

هذه رسالة إلى الوالى "عبد الرحمن الناصر بالله" أعظم ملك عرفته أوروبا فى القرون الوسطى، وهو أقوى من حكم الأندلس فى تاريخها منذ بداية الفتح الإسلامى وحتى سقوطها، لقد اهتم بنشر العلم فى الأندلس لتصبح نسبة الأمية بين صفوف المسلمين فى الأندلس صفرا فى المائة، جعل قرطبة قبلة العلم والعدل فى العالم بأسره، فقد نشر الناصر بالله العدل فى أرجاء الخلافة الأموية فى الأندلس فتوافد اليهود والنصارى المضطهدون للعيش عند المسلمين فى قرطبة بكل أمان وحرية.

 

هذه رسالة من ضمن رسائل كثيرة من أرشيف التاريخ تظهر قوة وعظمة الإسلام فى فترات الازدهار والتقدم، يوجد فى التاريخ الكثير والكثير ولكننا لا نقرأ لكى نستفيد ونتعلم من تقدم وازدهار الماضى، لكى نسترجع ولو جزء صغير من الحضارة والرقى لإصلاح ما أفسده حكامنا.

 

انظر اليوم إلى ما وصلنا إليه فى عالمنا العربى، قتال مستمر وصراعات متواصلة والدم العربى ينزف أنهارا، وإذا وصلنا إلى شاطئ الأمان لا نبقى غير ثوان معدودة تفرقنا دائما الفتن ونتمسك بصغائر الأمور فيأخذنا الحنين مرة أخرى إلى دائرة الصراع فى المساء، فنصبح لنجد أنفسنا لاجئين على شواطئ أوروبا.

 

نحن نتحدث كثيرا ولا نعمل وإذا عملنا نتحدث أكثر فأصبحنا أمة بلا أفكار أو رؤية مستقبلية تعصمها من الفرقة، بأيدينا نرمى الكتب بعيدا أو نضعها فى فاترينة المظاهر ولا نريد أن نعرف كيف أخطأ من فى الماضى لكى نستفيد ولا ننكرر نفس الأخطاء، وما زلنا نمضى فى طريق الخطأ وننتظر التقدم من رحم الخطيئة.

 

فى دول أوروبا وأمريكا تقدموا لأنهم درسوا تاريخنا أكثر منا وتعلموا الدروس والعبر كى لا تتكرر أخطاء أجدادهم مستقبلا فى بلادهم، فأيقنوا أن العلم والعدل مقياس التقدم الحقيقى .

 

فلنرجع سويا للتاريخ مرة أخرى فى عهد هذا العظيم "عبد الرحمن الناصر بالله" كثرت الأموال واتسع نطاق الخدمات وانتشر التعليم المجانى والعلاج المجانى، بل إن طالبى العلم كان يخصص لهم راتب شهرى ولأول مرة فى تاريخ الإنسانية أدخل المسلمون نظام الرعاية للمسنين فبنيت دور للعجزة ووظف فيها من يقوم بخدمتهم، وبنيت دور لرعاية الحيوانات وأقيمت المصانع العسكرية والموانئ البحرية وازدهرت الصناعات فى أرجاء الخلافة، فجاءت وفود ملوك أوروبا من كل حدب وصوب بالهدايا الثمينة وبأموال الجزية إلى الخليفة الناصر فى قرطبة.

 

شتان الفارق ما بين ماضى العظماء وحاضر الصراعات فنحن اليوم نمد اليد لمن علمناهم فى الماضى ليعلمونا كيف نحترم حقوق الإنسان؟ ونحن من علمناهم وبنينا بيوتا لرعاية الحيوانات.

 

إذا أردنا أن نتقدم فالطريق الوحيد هو العلم والعدل فى هذه اللحظة، لن ننتظر التقدم لأننا بالفعل تقدمنا وأصبحنا فى مصاف الدول المتقدمة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة