فى إطار مشاركته على رأس وفد برلمانى رفيع المستوى فى أعمال المؤتمر الرابع والعشرين للاتحاد البرلمانى العربى، والذى يُعقد حالياً فى العاصمة المغربية الرباط، ألقى الدكتور على عبد العال كلمة حول الموضوع الرئيسى المطروح للنقاش على جدول أعمال المؤتمر، وهو "الوضع العربى الراهن".
وفيما يلى نص الكلمة التى ألقاها الأستاذ الدكتور على عبدالعال حول هذا الموضوع:
معالى الأخ عبد الحكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين المغربى،
معالى الأخ السيد الحبيب المالكى رئيس مجلس النواب المغربى
أصحاب السعادة رؤساء البرلمانات ورؤساء الوفود العربية
السيدات والسادة الحضور ،،،
اسمحوا لى فى مستهل حديثى أن أعبر لكم عن سعادتى الغامرة بوجودى بينكم فى هذا المحفل البرلمانى العربى الفريد، لبحث أفضل سبل إسهام البرلمانات العربية فى النهوض بمجتمعاتنا فى منطقتنا العربية، واتخاذ القرارات وإصدار التوصيات اللازمة للارتقاء بواقعنا الراهن فى مرحلة صعبة تمر بها أمتنا العربية.
السيدات والسادة الحضور:
يكتسب مؤتمرنا هذا أهمية بالغة، لأنه يتم فى ظل ظروف صعبة، حيث تندلع فى أرجاء العالم العربى العديد من بؤر الصراع والأزمات، كان ومازال لها تداعياتها على الأمن والاستقرار فى المنطقة، وما تزال العديد من دولها تعانى من حالة عدم الاستقرار والعنف.
إن المرحلة الراهنة تحتم -أكثر من أى وقت مضى- تدعيم العمل العربى المشترك وتعزيز آلياته وتحديث مناهجه، لاسيما وقد أصبح واضحا وجلياً أننا نواجه تحديات مشتركة تفرض علينا جميعا التضامن فى مواجهتها.
ولعلكم تتفقون معى على أن من أخطر تلك التحديات، ظاهرة الإرهاب التى شهدت خلال العقود الأخيرة انتشاراً غير مسبوق فى مظاهرها وتداعياتها، مما يستلزم المبادرة إلى تبنى سياسات وإقرار تشريعات تكفل التصدى لها على نحو فعال.
ولعلكم تتفقون معى على أن التصدى الشامل لتلك الظاهرة فى منطقتنا العربية يتطلب تبنى وإقرار إستراتيجية موحدة تقوم على عدد من المحاور الرئيسية:
أولها: معالجة الظروف والأسباب الحقيقية المؤدية إلى انتشار ظاهرة الإرهاب، فليس صحيحاً أن الإرهاب يرتبط دوماً بالجهل والفقر والبطالة، بعد أن أثبتت الوقائع والأحداث أن العديد من قادة الإرهاب على درجة عالية من التعليم والمستوى الاجتماعى والثراء وهو أمر يجب أن نتوقف عنده بالفحص والدراسة والتحليل.
وثانيها: بناء قدرات الدول فى منع ومكافحة الإرهاب، على نحو يضمن احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفها إحدى الركائز الأساسية لمكافحة الإرهاب.
وثالثها: التصدى بفعالية للسبل التى تستخدم بها الكيانات الإرهابية خطابها لتجنيد الآخرين إلى صفوفهم، وخاصة بعد أن أثبتت قدرتها على الاستخدام المكثف لوسائل التواصل الاجتماعى لنشر خطاب التحريض والكراهية وحشد وتجنيد المزيد من العناصر الجديدة التى لديها استعداد للانضمام إليها.
السيدات والسادة الحضور،،
عندما نتحدث عن الوضع العربى الراهن، تثور فى أذهاننا على الفور قضيتنا الأم، ألا وهى القضية الفلسطينية، التى ما تزال قضية العرب الأولى، والمهددة فى ظل استمرار الخطط الاستيطانية والتهويدية التى تقوم بها إسرائيل فى الأراضى المحتلة، والتى تهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافى والجغرافى فى الأراضى المحتلة رغم قرارات الشرعية الدولية لوقفها، متجاهلة بل متحدية تلك القرارات، وآخرها قرار مجلس الأمن الدولى رقم 2334 (الصادر فى 23 ديسمبر 2016) الذى يمنع بناء المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.
بل وتمادت إسرائيل فى مساسها بحرية الأديان وحرية العقيدة بطرح مشروع قرار فى الكنيست الإسرائيلى يمنع الآذان بمساجد الأراضى الفلسطينية المحتلة.
لقد بذلت مصر –وما تزال- انطلاقا من مسئولياتها القومية تجاه القضايا العربية عموماً، والقضية الفلسطينية على وجه الخصوص، جهوداً كبيرة من أجل إعادة إحياء عملية السلام مرة أخرى، كما بذلت –ومازالت- جهوداً حثيثة من أجل التقريب بين الفصائل الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام التى تُرتب على القضية الفلسطينية أخطار غير مسبوقة، من أجل توحيد كلمة الفصائل الفلسطينية وتفويت الفرصة على الطرف الإسرائيلى للتحجج بعدم وجود شريك فلسطينى للتفاوض معه، واستخدامه لتلك الحجة سبيلاً لاستمرار سياساته الاستيطانية والقمعية ضد أبناء الشعب الفلسطينى ومقدراته القومية.
الحضور الكرام،،،
لا تقل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى يمر بها الوطن العربى خطراً عن التحديات السياسية والأمنية، وهو ما يفرض علينا تركيز جهودنا نحو ترسيخ وتعميق مفهوم التنمية المستدامة والإدارة الرشيدة وتمكين الشباب ودعم المرأة مع إعطاء الأولوية لإحياء مشروعات التعاون والتكامل الاقتصادى العربى.
وأؤكد من هذا المنبر، أن الحاجة باتت ملحة اليوم أكثر من أى وقت مضى من أجل تفعيل التبادل التجارى والاستثمارى بين الدول العربية وزيادة حجمه، وحُسن استغلال الموارد التى تمتلكها دولنا، بما يحقق المنفعة المشتركة، ويدعم التنمية الشاملة، ويحقق النفاذ إلى الأسواق العالمية والحصول على التكنولوجيا المتقدمة.
إن إلقاء نظرة سريعة على الوضع العربى الراهن يكشف لنا عن تحديات كبيرة تواجه الحفاظ على أمن الدول العربية واستقرارها الداخلى، لست بحاجة لأن أسهب فى الحديث عنها، وهو ما يبدو جليا فى كل من سوريا واليمن وليبيا، وهو ما يفرض تحديات جسام على بلداننا العربية حكومات وشعوب، ويحتم علينا جميعا اتخاذ قرارات وتبنى إجراءات لصيانة الأمن القومى العربى من أجل التعامل مع تلك التحديات على النحو الذى يكفل الدفاع عن مصالح شعوب العالم العربى وصيانتها.
الأخوة والأخوات،،
إننى إذ أشرف بوجودى بينكم اليوم فى حشد من خيرة البرلمانيين العرب، لأتمنى أن تسهم مناقشاتنا فى إثراء العمل العربى المشترك والتغلب على الصعاب ومواجهة التحديات، وتحقيق ما نصبو إليه من رفعة وتقدم شعوبنا العربية.
إن المسئولية التى تقع على عاتقنا كبرلمانيين مسئولية كبيرة من أجل التضامن العربى وتفعيل العمل المشترك والارتقاء به بما يتناسب وتطلعات وآمال الشعوب العربية.
أشكركم على حسن الاستماع،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة