احتفلت نقابة الأطباء أمس بيوم الطبيب الـ39، تناثرت الكلمات، تحدث المتحدثون، أسهب المسهبون، كل واحد قال كلمة مجد فى المهنة ومن يمتهنونها، تفاخر أحدهم بوصف الأطباء بالحكماء، وتفاخر آخر بعدد الشهداء التى قدمتهم المهنة فداء للوطن، وقال ثالث لجموع الأطباء: أنتم الأمل، وفى الحقيقة فإننى تابعت هذه الكلمات وفى ذهنى صورة واحدة، وللأسف هذه الصورة لم تكن على قدر كبير من التشابه مع ما أسمعه ومن صفات وأوصاف، بل قل إنها كانت على النقيض تماما لهذه الصورة التى صارت شبحا نطارده من أشباح الزمن الجميل.
لا أريد هنا أن أكون كالنغمة النشاز فى لحن التهنئات، ولكننى أيضا لا أريد أن يغفل الأطباء عن هذا التغير المهول الواقع فى صورتهم الذهنية عند الكثيرين، ففى كل يوم كارثة بسبب إهمال طبيب، وفى كل يوم حالة مأساوية من حالات الإهمال الكارثى، وفى كل يوم تنحدر الصورة أكثر وتتحول صورة الحكيم إلى أحلك حالاتها، فلو كانت نقابة الأطباء على علم بهذا التطور الكبير فهذه مصيبة، وإن كانت لا تعلم عنه شيئا فتلك كارثة.
قبل أن تتهمنى بالنقد الهدام أريد هنا أن أنبهك إلى أننى فى مقال أمس تناولت الأخطار التى تحيط بنقابة الصحفيين أيضا، ورصدت إلى ما يجب أن تفعله النقابة تجاه هذا الانحدار العام فى صورتها عند المصريين، ليس من باب «جلد الذات»، وإنما من باب إصلاح الذات، وهو ذات الأمر الذى أفعله اليوم مع قطاع عريض من أبناء الشعب المصرى، هذا القطاع الذى كان يلقب حتى فترة قصيرة باسم «ملائكة الرحمة» فصارت هذه المسميات غريبة عن حياتنا منكورة فى أدبياتنا، وإن قلت لأحد إن الأطباء الآن ملائكة الرحمة فسيبادرك بقصة مضادة تماما لما تقوله ناعتا هذه المهنة بصفات مغايرة تماما لكل ما ورثناه من صفات، مهيبة عظيمة خلابة وساحرة، وحل محلها صفات الجشع والإهمال وعدم الدقة والتغافل والطمع، وللأسف برغم أن من يفعلون هذا لا يمثلون غالبية أهل المهنة، لكنهم فى الحقيقة أساؤوا تمام الإساءة إلى الجميع، وعلى الجميع أن يبذل قصارى جهده من إجل إصلاح الصورة.كل يوم طبيب وأطباء مصر بألف خير.