فى الوقت الذى يحتفل فيه المصريين، بعيد الأم، بتقديم الهدايا لوالدته، إلا أن الأم تظل مظلومة داخل داخل التيار السلفى، الذى يصر على تحريم مناسبة الاحتفال به، فكلما جاءت المناسبة من العام للعام، تنهال الفتاوى المحرمة للاحتفال بها، تحت دعاوى من قبيل أنها بدعة، أو تقليد غربى ليس من الدين.
أبرز من تصدروا لفتاوى التحريم كان الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، عبر فتاويه المحرمة للاحتفال بتلك المناسبة، حيث كان مبرر برهامى فى فتوته، أنه يمكن شراء الهدايا وهذه الأشياء فى مناسبة أخرى مثل عيد الفطر أو الأضحى، أو بغير مناسبة، ولكن لا يجوز المشاركة فيما يسمى بعيد الأم حتى لو حزنت أمك، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، واعتبر تقديم الهدايا لها فى عيد الأم بدعة.
نفس الشئ كان لأبو يحيى الحوينى، نجل الشيخ أبو إسحاق الحوينى، الذى كان أيضا بين المحرمين لهذه المناسبة، معتبرا أن هذا الأمر بدعة لا يجوز الاحتفال بها.
واعتبر الحوينى فى فتوته، أن عيد الأم ليس من الأعياد الإسلامية، وقال إن الأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام، وهى عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد يوم الجمعة، وليس فى الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعيادٍ أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة فى الشريعة الإسلامية حسب قوله .
نفس الشئ كان لدى سامح عبد الحميد، الداعية السلفى، الذى اعتبر عيد الأم تقليد غربى أعمى لا يجوز، وقال إن تقاليد الغرب ليس من الإسلام، وسبب اختراع الغرب لعيد الأم أنهم وجدوا الأبناء فى أوروبا قد نسوا الأمهات، ووضعوهم فى دور رعاية المُسنين، فابتكروا هذا اليوم ليتذكر الأبناء أمهاتهم، وهذا لا ينطبق على المسلمين – على حد وصفه - .
من جانبه قال هشام النجار، الباحث الإسلامى، إن العرف هو أحد المصادر التى يعتمدها التشريع الاسلامى وهو ما تعرفت عليه المجتمعات من قيم عامة تتوافق مع ما يدعو اليه الإسلام من بر ومودة وتكافل وتسامح، وهذا اليوم والاحتفال به مما يصحبه من مظاهر تكريم وحفاوة للأمهات يتوافق مع مقاصد الإسلام وما ورد بشأن الأم من تعاليم وأوامر، لكن هناك من يقف على ظاهر بعض النصوص دون اجتهاد فى التأويل وربط بعضها ببعض للخروج بصيغة توافقية تصالحية بين النص والواقع وبين جوهر الدين ومتغيرات العصر، وهذا التشدد غريب على الاسلام وعلى مصر والمصريين لكنه سيأخذ وقته فى الظهور والمعالجة حتى يتراجع شأنه شأن كل الأفكار الغريبة غير العقلانية.
وأضاف النجار لـ"اليوم السابع" أن فتاوى التحريم السلفية تأتى نتيجة تراكمات عقود سابقة منذ بداية السبعينيات مع رواج مؤلفات تحط من شأن المرأة وتحرمها من حقوقها وحضورها فى الحياة العامة وتصور هذا التوجه كأنه من أساسيات وأصول الاسلام، وساعد على ذلك عوامل كثيرة منها السياسى ومنها الاقتصادى والاجتماعى وليس الأمر كما يظن البعض مقتصرًا على دور بعض الفتاوى المنسوبة لبعض من ينسبون أنفسهم للسلفية فالقضية لها أبعاد أخرى متعلقة بصراعات استلزمت توظيف قضية المرأة بجانب قضايا أخرى متشابكة مع الملفات الأيدلوجية لتحقيق أهداف ومصالح سياسية.
وتابع :"هذا لا يمنع دور هذا التيار لكنه كان أداة ضمن أدوات أخرى ولم يكن هو محركًا للحدث فالملف سياسى بامتياز بابعاد اجتماعية واقتصادية وليس دينى وفقهى لأن المسألة الدينية بهذا الشأن تكاد تكون محسومة واذا جردت من العوامل الأخرى فلن يتقبلها منهم المجتمع لأنها تخالف العرف والمنطق".
بدوره وجه الشيخ أحمد البهى، الداعية الأزهرى رسالة للسلفين قائلا :" على السلفيين أن ينتبهوا لأخطائهم حتى لا يتسببوا فى تشتيت المجتمع أكثر من ذلك".
وتابع البهى:" الاحتفال بالمناسبة ليس فيه مخالفة للدين، بل يكون له أجر وثواب فى الشريعة الإسلامية، لأنه بر وتقوى إذا كان هذا الأمر إرضاءا للأم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة