وائل السمرى

هدايا عيد الأم

الخميس، 23 مارس 2017 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من بين جميع الهدايا التى يهديها الأبناء للأمهات فى عيد الأم تمثل هذه الهدية فى ذاكرتى عنوانا للبهجة الحقيقية، هى الهدية وغيرها «مبالغة» لا يعرفها الكثيرون مثل أجمل عناويننا المبهجة، لا يفهمها الكثيرون لبساطتها المفرطة، لم يعاصرها الكثيرون لأنها اختراع شعبى للتعبير عن الفرحة، كنت أراها فى حى «المطرية» الذى نشأت فيه فلا تسعنى الفرحة، أحلم باليوم الذى سأشتريها وأسير بها مشفوعا بالفخر والزهو، صندوق من الكرتون به ثلاثة مناديل وزجاجة عطر كبيرة ومشط للشعر وبضعة مشابك شعر وحافظة نقود صغيرة، أو ورقة من الورق المقوى معلق بها زجاجة عطر صغيرة ومنيل من القماش الملون وحافظة نقود، كنا نرى هذه الهدايا معلقة على جدران المحلات فنعرف أن فى الأرض عيدا مثل أعيادنا المعتمدة، ونظل ننظر إليها كلما مررنا على أحد المحلات معشمين بيوم العيد الذى سندخل فيه البهجة إلى قلوب أمهاتنا.
 
قبل هذا اليوم بما يقرب من شهر كنا نتسابق من أجل شراء «حصالة» لنضع فيها ما يتسير من الأموال، علبة صفيح كانت فى الغالب تصنع من زجاجات مبيد الحشرات الفارغة، لكنها كانت بالنسبة لنا مثل حاوية الكنوز، ولأن «مصروفنا» لا يكفى لشراء شىء حقيقى كنا نستدين بثمن الحصالة من أمهاتنا، وشراء الحصالة وقتها كان مثل النوايا الصادقة التى لا تكفى لإنجاز عمل حقيقى، كنيتك للذهاب إلى «الجيم» أو رغبتك فى الإقلاع عن التدخين أو عمل نظام غذائى يفقدك بعضا من الوزن الزائد، وإن عمرت «الحصالة» ببعض أو قل بعض قروش كنا ننظر إليها كما ينظر الصائم إلى مائدة الطعام قبل الإفطار، نرجها لنسمع صوت النقود بداخلها، نحاول جاهدين من أجل التقاط «شلن» من الداخل، نوسِّع فتحة إدخال النقود من أجل إخراج النقود، ولا مانع أيضا من مغالطة الإخوة أو الاستيلاء على حصالاتهم إذا ما كانت أثقل.
 
يمر اليوم بعد اليوم، ولا نستطيع «تحويش» ثمن الهدية المعلقة على جدران محل «الشيخ محمد» البقال، وحينما يتملكنا اليأس نضطر إلى هتك حصون «الحصالة»، لأن ما بها يكفى بالكاد لشراء زجاجة مياه غازية وباكو بسكويت أو «كيمو كونو»، وحينما يأتى اليوم الموعود نجد أنفسنا مضطرين إلى الاستدانة مرة أخرى من أمهاتنا بمبلغ وقدره «175 قرش» لشراء صندوق الهدايا السحرى أو 125 قرشا لشراء الورقة المثبت بها العطر والحافظة والمنديل، وفى الغالب تقبل الأمل هذه الهدية التى دفعت ثمنها على مضض، متغاضية عن أن رائحة العطر لا تطاق وجودة المنديل فى الحد الأدنى، وجلد الحافظة من أسوأ أنواع الجلود، لكن برغم كل هذا يظل هذا «الطقس» بالنسبة لى هو الأهم فى عيد الأم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة