بين الحين والآخر، تتصدر وسائل الإعلام، قصص إلقاء أجهزة الأمن القبض على عصابات تمارس "السحر والشعوذة" للنصب على المواطنين تحت شعار "علاج مس الجن بالقرآن الكريم"، وكانت آخرها قصة الشيخة "خديجة المغربية" التى تم إلقاء القبض عليها بداية الشهر الحالى من قبل الإدارة العامة لمباحث الآداب لنصبها على المواطنين من خلال الإعلانات الواهية لجمع آلاف الجنيهات.
اليوم طالعنا أحد قيادات الدعوة السلفية، بأن الجن تحدث معه وأبلغه أنه جن سلفى، وذلك أثناء علاجه حالة مرضية، الأمر الذى انتقده بشدة أزهريون ومجمع البحوث الإسلامية، واصفين مثل هذه الأمور بالتخاريف وتندرج تحت أعمال "السحر والشعوذة".
بداية الأمر، عندما حكى الشيخ أحمد الفولى القيادى بالدعوة السلفية ومسئول اللجنة الإعلامية بحزب النور السلفى، حوارا حدث بينه وبين ما زعم أنه جن، خلال إحدى تجاربه مع علاج الجن بالقرآن.
وقال "الفولى" فى حلقة مسجلة بإحدى القنوات الدينية :" الجن أنواع، فأنا كنت أقوم برقية شرعية، لشخص مصاب بمس من الجن، وذلك أثناء أيام انتخابات مجلس الشعب، وعندما بدأت أقرا القرآن الكريم على المريض، فالجن قال لى يا شيخ مأذا ستقرأ فأنا حافظ سورة الفاتحة وأية الكرسى، وسورة الناس، ثم ختم الجن حديثه معى قائلا :" شوف يا شيخ أنا سلفى زيك".
اللافت فى هذه القصة أن الشيخ أحمد الفولى القيادى بالدعوة السلفية، والمعالج بالقرآن، يعمل نائب رئيس تحرير جريدة الفتح الناطقة باسم الدعوة السلفية، وحصل من خلالها على عضوية نقابة الصحفيين.
قوبلت مزاعم "الفولى" بالرفض الشديد من جانب أزهريين وأعضاء بمجمع البحوث الإسلامية، حيث انتقد الشيخ أحمد البهى الداعية الأزهرى، ما أعلنه قائلا فى تصريحات لـ"اليوم السابع":" أغلب الحالات التى تشتكى من المس والسحر، هى حالات موهومة، وأغلبها يحتاج إلى علاج نفسى" مشيرا إلى أن تصدير هذه الحكايات وسرد تفاصيلها أمام الجميع يزيد من الحالات المرضية، كما أنه لا يوجد فائدة تعود على الناس بسرد مثل هذه الحكايات".
وأوضح "البهى": هناك من يمتهن "العلاج بالقرآن" لتربح المال، وللأسف هذا الأمر منتشر فى كثير من المناطق، فضلا عن انتشاره فى الأماكن الراقية، رغم أننا لم نسمع أن هناك صحابى جليل أو عالم مشهور اتخذ هذا الأمر مهنة له".
وتابع:" أنصح من يشتكى ببعض الأعراض يتجه للطب النفسى ثم يلجأ إلى المتخصصين من علماء الأزهر ، بدلا من الوقوع فى فخ هؤلاء الدجالين والمشعوذين".
من جانبه وصف الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، تصريحات الداعية السلفى بالتخاريف، مشيرا إلى أنه ينطق بما لا يعرف، وما قاله ليس حقيقة، موضحا أن الجن ليس متبع للسلف الصالح، فالشيطان من الجن الذين فسقوا عن أمر ربهم.
وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن هناك قيادات سلفية تقول تخاريف لا يعرفون أصل لها فى القرآن أو السنة النبوية، موضحا أن الجن هم من الذين قال عنهم الله فسق عن أمر ربه، فكيف يتبع السلف، مضيفا: ليس هناك جن يتبع السلف ويرضى الله فى افعاله".
وتابع الجندى : ما يقوله هذا الداعية السلفى مضيعة للوقت ومهانة للعقل المسلم وعمل بالدجل والشعوذة ويتصادم مع نصوص صريحة من القرآن الكريم وما يقوله يتناقض مع العقل ولا بد للدولة أن تقاوم هذا الفكر وهذا الإنسان يبحث عن شهرة وما يقوله خرافة.
أما الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق، فقال إن ما يقوله الداعية السلفى نوع من الجدل والشعوذة، موضحا أنه لا ينكر أحد أن الجن به المؤمن والكافر، ولكن العلاج بالرقية الشرعية وقيام شيوخ باستقطاب الناس لعلاجهم بهذه الطريقة هو نوع من الدجل والشعوذة.
وأضاف رئيس لجنة الفتوى الأسبق، لـ"اليوم السابع" أن القرآن لا يتغير، ولكن الأشخاص هم من يتغيرون، وأى شخص يريد أن يعالج بالرقية الشرعية فعليه أن يعالج نفسه بها من خلال قراءة ما تيسر من القرآن، وليس الاستعانة بأشخاص لعلاجهم بهذه الطريقة التى يستغلها البعض للكسب.
أما الشيخ محمد الأباصيرى الداعية السلفى، فانتقد ما ذكره "الفولى" ووصفه بدجل الدعوة السلفية، مضيفًا :"مما لا شك فيه أن ما يقوم به أعضاء الدعوة السلفية من زعمهم مخاطبة الجن و ما شابه ذلك ليس إلا نوع من الدجل و الشعوذة و النصب العلني ، وما هؤلاء في حقيقتهم إلا حفنة من الدجالين و المشعوذين والنصابين و الذين يتاجرون بالدين و يمارسون النصب على الناس مستغلين عدم إلمامهم بأمور الدين فيبتزونهم و يسرقون أموالهم و ينهبون ثرواتهم تحت ستار الدين و العلاج بالقرآن".
وأضاف: و لا شك أن ما قاله هذا الشخص يعد اعترافًا رسميًا منه بممارسة الدجل و الشعوذة و النصب منذ سنين و أنا أطالب جهات التحقيق بالقبض على هذا المشعوذ على غرار الشيخه خديجة المغربية، ومعاقته بما يقتضيه القانون ليكون عبرة لغيره ، كما أطالب النقيب الحالي للصحفيين بشطب عضوية هذا المشعوذ من النقابة تطهيرًا لهذه المهنة الشريفة أن يحمل شعارها المخرفين و الدجالين و النصابين، وأدعوه بالنظر في أمثاله ممن تسللوا إلى النقابة في عهد سلفه عن طريق العلاقات المريبة التي كانت تجمعه و السلفيين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة