لو كنت من متابعى هذه الزاوية ستعرف بالتأكيد أننى وقفت كثيرا ضد الكثير من الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الحكومة قبل دراسة السوق جيدا وعمل مسح شامل لغير القادرين، لكى لا يتضرر الأكثر تضررا بالفعل من الإصلاحات الاقتصادية، وفى الحقيقة هذا ما شجعنى الآن لكتابة ما أعبر به عن موقفى تجاه الزيادة التى أقرتها وزارة النقل على تسعيرة ركوب مترو الأنفاق، فحال مرفق المترو يسر عدو ولا يسر حبيب، قد تضررت البنية الأساسية لهذا المرفق الحيوى بشكل كبير نتيجة الضغط الاستهلاك وضعف الصيانة والتراخى فى تطبيق القوانين المنظمة لعملية السير، ولهذا كان من الضرورى أن تتم زيادة أسعار تذاكر المترو لإنقاذ ما يمكن أنقاذه، ومن هذا المنطلق أجد أنه من الغريب أن يهاجم البعض قرار زيادة أسعار التذاكر إلى جنيهين بدلا من جنيه واحد، فى حين أن الجنيه أصبح الآن أقل من أقل سعر لأى وسيلة مواصلات أخرى.
أعرف أن الكثير من أبناء مصر يعانون من أزمات مالية طاحنة، وأعرف أيضا أن هناك مئات الآلاف من الأسر التى تعتمد بشكل كبير على مترو الأنفاق بشكل يومى، وأن هناك طلبة وعمالا وموظفين يستخدمون المترو يوميا، لكننى فى الحقيقة أرى أن هذه الزيادة غير مؤثرة على الإطلاق، فسعر تذكرة المترو بعد الزيادة أصبح أقل بمقدار الثلث من ثمن سجارتين «كيلوبترا» ويكاد أن يكون مساويا لثمن سيجارة مستوردة، ولو كان الأمر متأزما عند البعض إلى هذا الحد الذى يعلنون فيه الصراخ من الزيادة فإليك الحل، وهو ألا تنظر إلى الزيادة باعتبارها زيادة، ولكن أنظر لها باعتبارها توفيرا لثمن هذه السجائر التى كنت ستحرقها فى انتظار أية وسيلة مواصلات أخرى، أو حتى اعتبرها ثمن تلك السجائر التى لن تدخنها وأن فى المترو، وبذلك تكون الزيادة توفير وإصلاح ورحمة من آثار التدخين المدمرة.
لهذا كله أرى أن الغضب من زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق غير مبرر بل وغير صحى على الإطلاق، لكن من حقنا أن نغضب حينما نرى أن الحكومة لم تستغل هذه الزيادة فى سبيل تحسين الخدمة التى إن تحسنت ستكون من أهم عوامل تخفيف الضغط على المرافق العامة وتوفير المحروقات وتخفيف حدة الزحام فى الشوارع عبر جذب شرائح إضافية إلى الخدمة المحسنة، وفى هذا السياق أرى أنه من الواجب على الحكومة أن تبدأ فى تشغيل الخدمة المميزة التى أعلنت عنها فى السابق التى ستكون بمثابة طوق إنقاذ للعاصمة من شللها المرورى المزمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة