قالت صحيفة "فايننشال تايمز"، إن بنك باركليز البريطانى يواجه تحقيقات حرجة تعود لصفقات أجراها مع قطر عام 2008 وقت الأزمة المالية العالمية للحفاظ على استقلاليته وتجنب شرائه من قبل الحكومة فى لندن، إلا أنها ربما انتهت إلى نفوذ قطرى فى البنك.
وعقد رئيس باركليز "روجر جنكينز" الصفقتين مع الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر فى ذلك الوقت، والذى ضخ 6.1 مليار إسترلينى فى البنك لإنقاذه من الأزمة. ولكن هذا التمويل الطارئ هو القلب من القضية الجنائية الوحيدة التى لا زالت مفتوحة من وقت الأزمة فى بريطانيا، حيث يواجه عدة تنفيذيين فى البنك خطر توجيه تهم جنائية لهم.
وتنظر القضية فى الترتيبات الجانبية للصفقتين ووعود البنك لقطر وما إذا كان قد كشف بشكل واضح عن رسوم دفعها للقطريين أو أموال أقرضها لهم سرا لكى يعيدوا الاستثمار فى البنك.
حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى
وإلى جانب هذه القضية، يواجه البنك مزاعم عن مخالفات ارتكبها أبلغ بها واحد من أهم مصرفييه حينها، وهو رئيس الخدمات المالية السابق "ريتشارد بوث"، والذى يقول إن البنك فصله بعد تعاونه مع المحققين.
كما يواجه باركليز قضية رفعتها شركة الأسهم الخاصة PCP Capital Partners، تطالب بمليار دولار. وتقول الشركة إنها دبرت صفقة مع الشيخ منصور بن زايد آل نهيان من الإمارات استثمر على أساسها 3.5 مليار إسترلينى فى باركليز عام 2008، بينما يقول البنك إنها كانت مجرد مستشار لدى الجانب الإماراتى.
مسئولو باركليز المتورطين فى القضية
وتعهد "مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة" بالتوصل إلى قرار فى توجيه التهم بنهاية الشهر، وهو ما يتزامن مع زيارة وفد قطرى للندن فى خضم سعى بريطانيا لضمان استثمارات لديها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبى.
وأشارت الصحيفة الاقتصادية إلى أن قطر التى تمتلك ما يماثل 3 أضعاف العائلة المالكة داخل بريطانيا لديها حصة 6% فى باركليز وتصل استثماراتها فى بريطانيا إلى 35 مليار إسترلينى، وبالتالى فالتحقيق مليء بالحساسيات السياسية والشد والجذب مع رئيسة الوزراء تريزا ماى، والتى حاولت أن تجعل ميزانية مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة ميزانية تحت تحكمها وهى وزيرة داخلية.
ونوهت الصحيفة بأن للنائب العام التدخل فى التحقيق إذا اعتبره ضد المصلحة العامة، كما حدث عام 2006 فى تحقيق فى رشوة من شركة الصناعات الدفاعية البريطانية BAE Systems فى السعودية أثناء حكم رئيس الوزراء الأسبق تونى بلير.
وأكدت أن أى تدخل من الحكومة هذه المرة سيغضب مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة، مضيفة أن باركليز علق خططه فى الخليج حاليا حتى يتم حل المسائل العالقة، بحسب مسئول فى البنك لم يشأ الكشف عن هويته، ولكن إذا تم توجيه تهم بالفعل لجنكينز والمديرين التنفيذيين "جون فارلى" و"بوب دياموند" وعدد من المدراء الكبار، فقد يواجه البنك ملاحقة قضائية خاصة بالشركات.
كما أعادت "هيئة مراقبة السلوكيات المالية"، الخميس الماضى، فتح تحقيق مواز عمره 4 سنوات يطالب بدفع البنك لغرامة قيمتها 50 مليون إسترلينى لمخالفات تتعلق بإخفاء معلومات إجرائية.
وفرضت الهيئة بالفعل غرامة من 72 مليون إسترلينى على البنك عام 2015، فقد تجنب البنك قواعد غسيل الأموال من أجل إبرام صفقة من 1.9 مليار إسترلينى فى عامى 2011 و2012 سميت بـ"صفقة الفيل"، وكان عملاء البنك فى هذه الصفقة على صلة بالشيخ حمد وأقاربه، بيد أنه لم توجه لهم تهم فى القضية. وقالت الصحيفة إن قرار الهيئة يوضح التأثير المستمر لقطر على البنك.
وتصل قيمة الرسوم والصفقات والقروض بين البنك وقطر إلى 2.4 مليار إسترلينى، بحسب أوراق القضية، وهو "ما يعادل ما استثمرته قطر فى البداية فى أكتوبر 2008 لإنقاذ البنك".
وفى 2008، عقد البنك "اتفاقية خدمات استشارية" مع قطر القابضة ثمنها 42 مليون استرلينى مقابل مساعدة باركليز فى انتشار أعماله فى الخليج، وهذا بعد استثمار قطر لـ4.5 مليار إسترلينى فى البنك لمساعدته فى الصمود أمام الأزمة الاقتصادية. وبعد ذلك تم استثمار 7.4 مليار إسترلينى آخر، ومن ثم تجديد صفقة الخدمات الاستشارية يلتزم البنك بموجبها بـ280 مليون إسترلينى.
وتقول شركة الأسهم الخاصة PCP Capital Partners إن صفقتى الخدمات الاستشارية ما هما إلا واجهة لتعويض القطريين عن استثماراتهم أثناء انحفاض أسعار أسهم البنك ولكى يستمروا فى الاستثمار فى البنك.
كما تقول الشركة فى قضيتها المرفوعة إن باركليز منح قرض من 3 مليار إسترلينى لوزير المالية القطرى فى نوفمبر 2008 لكى يعيد الاستثمار المبلغ فى البنك، وهو محاولة غير قانونية لرفع أسهم البنك الخاصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة