عندما ترى كل هذه البيانات والأرقام والمعلومات عن التعداد والأراضى والاستثمار والتضخم والأسعار وأحوال التعليم والصحة، يظهر السؤال العاجل: لماذا لا نستفيد من هذه البيانات، وكيف نستفيد منها؟
أكثر ما يلفت نظرى، من استعراض موقع الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بعد زيارة للجهاز استعرضنا فيها الكثير من التفاصيل عن التعداد السكانى، أنه من الجيد أن تكون لدينا بيانات وأرقام ومعلومات دقيقة عما نملكه وما نحتاجه، وإذا كان جهاز الإحصاء يقوم بدوره، ويقدم كل هذه التقارير يوميا وأسبوعيا وشهريا وفصليا، هل من المحتمل أن تكون هناك جهات يمكنها تحليل كل هذه البيانات لرسم خارطة اجتماعية لمصر؟ الجهاز يقوم بدوره، ويقدم المعلومات لمن يطلبها، ويتيحها للمجتمع وعلى شبكة الإنترنت، ومع هذا فنحن لدينا فقر ونقص شديد فى توظيف المعلومات، بل كثيرا ما نفتقد إلى الأرقام التى يمكن البناء عليها وتحليلها وصولا إلى نتائج.
وكما أشرنا، لو استطعنا أن نحلل هذه البيانات، ونصنع منها قاعدة معلومات اجتماعية فى هذه الحالة، يمكن أن ندخل عصرا مختلفا، لأن العالم كله اليوم يقوم على البيانات والكاميرات وأدوات الاستشعار.
ما نعانى منه غالبا ليس نقص المعلومات، لكن توظيفها بشكل يمكن لمتخذ القرار أن يستند إليه، سواء فى الدولة أو القطاع الخاص أو حتى الخارج.
ولا يفترض أن ينتاب البعض قلقا من إعلان هذه البيانات علنا، لأن أى مستثمر قبل أن يأتى بأمواله، يريد معرفة كل التفاصيل وشكل السوق ونوعية المطلوب من منتجات، وكل هذا يمكننا توفيره، وبالنسبة للداخل فإن وضع خريطة استثمارية يمكن أن يسهل لأصحاب المشروعات الصغيرة خرائط الفرص.
أغلب أزماتنا يمكن حلها بتوظيف المعلومات والبيانات، وأكثر ما يؤدى للأزمات هو غياب المعلومات والبيانات، ونبدو كثيرا مثل الأطرش فى الزفة أو نتكعبل فى مشكلات يمكن حلها، لو امتلكنا الأبعاد والمعلومات، وحتى الاقتصاد والتوفير يمكن أن يتحقق إذا أحسنا توظيف المعلومات.
وإذا كانت أهم وأخطر الملفات التى تبدو مستعصية على الحل، وهى قضية الدعم والرعاية الاجتماعية، المؤكد أن نصف إن لم يكن أكثر من نصف مليارات الدعم تذهب بالتواطؤ والفساد بين أطراف عديدة لغياب المعلومات، وفى حال استعملنا المعلومات لرسم خارطة اجتماعية للمواطنين، يمكن تحديد من يستحق ولم لا يستحق، ونفس الأمر فى كل مشكلاتنا، المرور والمواصلات والأسعار وغيرها، يمكن تقليل العنصر البشرى، وزيادة أدوات العلم، عندها نغلق الكثير من أبواب الفساد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة