نركض ركضا حثيثا إزاء التقنيات الحديثة، ونرفض فى المقابل الصفح عن تجاوزاتها والأثمان التى يتعين علينا دفعها نظير ما نحصل عليه، إذ تشتكى أفراد وحكومات من اختلاس بياناتها والقرصنة على أنظمتها الإلكترونية، ورغم ذلك نتعايش معها ولا نلقى لها بالا بالرغم من وجود بدائل ممكن الانفتاح عليها.
لما قررت الحكومة الهولندية مؤخرا الانفتاح على تلك البدائل بالاعتماد على المدرسة الانتخابية القديمة على صعيد التصويت والفرز فى الانتخابات التى أجريت يوم الأربعاء 15 مارس. خشيت الحكومة الهولندية من تكرار مأتم فى الانتخابات الأمريكية من (شبهة) قرصنة روسية عليها، فضلا عن تكهنات بتكرار الأمر فى الانتخابات الفرنسية والألمانية جعلها تتجه إلى أساليب العصور الوسطى.
سلكت هولندا مسلك كثير من دول العالم قبل أربعة أعوام خلت، حين عادت إلى استخدام الآن الطباعة القديمة والأحبار السرية فى مراسلاتهم، عقب إفشاء إدوارد سنودن خبير المعلوماتية فى وكالة الأمن القومى الأمريكية أسرارا عن تجسس الولايات المتحدة على دول العالم من طريق شبكة الإنترنت.
وقد سار رؤساء الدول والحكومات على نفس الدرب، وقرروا الامتناع عن استخدام الهواتف الذكية الموصولة بشبكة الإنترنت للحيلولة دون التجسس عليهم عبرها، وباتت اتصالاتهم عبر الهواتف التقليدية.
ها هو ذا الواقع الافتراضى يفت فى عضد مفاهيم ظلت تتردد صداها على مسامعنا سنين عددا كالخصوصية وبسادة الدول، وذلك رغم أنف مؤسسوه المتطلعين حين تأسيس ذلك الواقع إلى الاستقلالية عن أى سلطة وحل تلك المعضلة، لأن نظل أسرى للماضى ونمتنع عن مواكبة التطورات، ولكن علينا تنظيم أنفسنا كأفراد ومؤسسات بل وحتى كحكومات لإملاء شروطنا على القوى المهيمنة إلكترونيا ورقميا وهذا هو طوق النجاة.
وقد شرعت فى ذلك الصدد البرازيل والسويد وتركيا ونيجريا وتونس والولايات المتحدة قبل 5 أعوام بطرح مبادرة مشتركة لجعل الأمم المتحدة تؤكد أن حقوق الإنسان يجب تطبيقها كذلك على الإنترنت مهما كانت وسيلة للأعلام المعنية وبصرف النظر عن مردود البلدان ونحن فى انتظار وضع تلك التوصيات والقرارات فى حيز التنفيذ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة