نتذكر منذ سنوات قليلة ماضية، وبينما نسافر فى القطارات القديمة البطيئة التى تنقلنا من محافظات الصعيد الجوانى متهادية بكل حرها وبردها، أطفال الصعيد الذين ابتلاهم الله الرحيم بداء السرطان على أكتاف آبائهم قادمين للعلاج فى العاصمة، بينما الأمهات تحاولن تغطية الرأس المكشوف الدال على تساقط الشعر من أثر العلاج الكيماوى، وكان ذلك يحزننا كثيرا.
بالطبع تغير الحال بعض الشىء، لكن الصعيد لا يزال يعانى الكثير من التجاهل الحكومى، على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والصحية ولولا بعض الناس المؤمنين بقيمة الإنسان وعلى رأسهم الدكتور مجدى يعقوب، لعانى الناس الأمرين، خاصة فى صحتهم، وفى الحقيقة أعجبنى جدا ما قام به الكاتب الصحفى، حلمى النمنم، عندما زار «مستشفى شفاء الأورمان» بمدينة الأقصر على هامش وجوده فى فعاليات الأقصر عاصمة الثقافة العربية.
بالطبع هذا المستشفى المتخصص فى علاج السرطان بالمجان وغيره من المؤسسات العلاجية التى تساعد الفقراء فى الصعيد يجب علينا إلقاء الضوء عليها بصورة مكثفة، والتبرع لها وتقديم ما نقدر عليه من مساعدات واقتراحها على رجال الأعمال والراغبين فى المساعدة حتى بأقل الأشياء.
يعانى الصعيد نقصا كبيرا، والعيادات الخاصة مكلفة جدا ولا تتناسب مع الفقراء هناك، كما نلاحظ بسهولة غياب المراكز الطبية المتخصصة فى علاج السرطان اللعين إلا القليل منها الذى يعد على أصابع اليد الواحدة، بينما الأرقام التى تقدمها الدراسات حول المصابين بهذا المرض اللعين كبيرة ومفزعة.
لذا فإننا نضم صوتنا مع الكثيرين المطالبين بمساعدة الناس هناك خاصة الطفل الذى لا يجد الرعاية الكاملة صحيا أو تعليميا والمرأة المحتاجة بقوة إلى برنامج دائم للتوعية بصحتها، والكشف المبكر عن الأمراض التى من الممكن أن تصيبها، فالنساء مطالبات دائما بالكشف المبكر حتى لا يسقطن فى براثن سرطان الثدى.
ويعتبر كثير من الباحثين ومنهم الدكتور هانى الناظر، رئيس المركز القومى للبحوث السابق، أن نسبة السرطان فى مصر مقارنة بدول أخرى كثيرة فى العالم ليست كبيرة، لكنه فى الوقت نفسه دعا إلى الكشف المبكر عن المرض وسرعة التعامل مع بوادره.
يحتاج الصعيد نظرة عطف من الجميع، وأسعدتنى زيارة حلمى النمنم للمستشفى لأنه بذلك يلقى الضوء عليها، خاصة فى ظل الفعاليات التى تشهدها المدينة والانتعاشة السياحية التى حدثت بها مؤخرا مما يسهم فى حل بعض المشكلات الموجودة فى المنظومة الطبية.