كرم جبر

القضاة والبرلمان.. ليس وقت صناعة الأزمات!

الأربعاء، 29 مارس 2017 10:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس وقت صناعة الأزمات بل تفريجها، ولا تصدير المشاكل بل حلها، ولا شق الصف بل اللحمة والتواصل، وكان فى وسع مجلس النواب أن يتفادى المواجهة مع القضاة، بفتح قنوات الحوار للتوصل إلى قانون يحقق مطالبهم ولا يُفرض عليهم، ولا يعنى ذلك الاعتداء على سلطة البرلمان فى التشريع، ولا حرمان أعضائه من حقهم الدستورى، ولكن أن يتم التوافق على قانون يتعلق بالسلطة القضائية ويدعم استقلالها، فالقضاة هم الأعلم بشؤونهم، ولم يحدث من قبل أن فُرض عليهم قانون ضد إرادتهم.
 
كان من الأفضل إرجاء إصدار قانون السلطة القضائية لمزيد من الحوار والتشاور، ولكن مجلس النواب تعجل وتسرع فى مناقشة القانون وإصداره فى يومين، وترك علامات استفهام كثيرة حول أسباب السرعة، وتعددت الاتهامات بأن السلطة التشريعية أقرت قانونا غير دستورى، ويخالف مبدأ الفصل بين السلطات، بالسماح للسلطة التنفيذية بالتدخل فى شؤون القضاء، وإطلاق يدها فى اختيار رؤساء الهيئات القضائية، ضاربا عرض الحائط بالأعراف القضائية المتعارف عليها منذ سنوات طويلة.
 
لا ينال من هيبة مجلس النواب إعادة المداولة حول مشروع القانون، وعقد جلسات استماع مع نادى القضاة، ومجلس الدولة والنيابة الإدارية، للتوصل إلى صيغة تحقق الهدف المطلوب، وهو توسيع قاعدة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، بعناصر أقل من سن التقاعد وهو سبعين عاما، وحل إشكالية الأقدمية التى تمنح رئاسة الهيئات القضائية لمن هم على أبواب السبعين أو أقل قليلا.
 
إدارة الأزمة يجب أن تكون بعقلانية وهدوء وبعيدا عن الانفعال والغضب، ودون تسييسها وتأجيجها بشعارات نارية، فما يحدث لا يشبه من قريب أو بعيد مذبحة القضاء أيام الرئيس عبدالناصر سنة 1969، لأن الدولة أرادت أيامها أن تجعل أعضاء النيابة العامة موظفين تابعين لها، وليسوا جزءا من السلطة القضائية، وحدثت المذبحة بإبعاد مجموعة من خيرة رجال القضاة عن وظائفهم القضائية، وعالج الرئيس السادات المشكلة بعد توليه الحكم، ورد للقضاة اعتبارهم ورسخ مبدأ استقلال القضاء وعدم التدخل فى شؤونه.
 
القضاء أحد سلطات الدولة الثلاث، واستقلاله ضمانة لتحقيق العدالة وسيادة القانون، وواجب المشرع أن يزيح أى شبهات بالتدخل والمساس بمبدأ استقلال القضاء، ولا ننسى أبدا وقفتهم البطولية فى مواجهة الجماعة الإرهابية، وإصرارهم على عزل النائب العام الإخوانى الملاكى، وعدم السماح بالتدخل فى شؤونهم أو المساس باستقلالهم، ولسنا فى وقت يحتمل إثارة أزمات مع قضاة مصر الأجلاء.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة