كنت أجادل صديقى مفندًا مقولة «الزمن الجميل» قائلا له «كل العصور متشابهة بها الكثير من القبح والقليل من الجمال» لكنه لم يتفق معى وقال لى «أختلف معك ففى الماضى كانت القيم أجمل وأكثر وضوحا فقد كان الغناء لديهم يعنى أم كلثوم وعبدالحليم حافظ».
وفى أحد البرامج القديمة، كان الفنان الكبير محمد رشدى يتحدث عن عبدالحليم حافظ، فقال ما معناه إنه التقى بعبدالحليم وتحدثا فى أشياء كثيرة فى الحياة والغناء والموسيقى، حتى قال له رشدى «إن صوتك يشبه صوت حليم الرومى» وهنا غضب عبدالحليم حافظ جدًا واحتد على رشدى قائلا «إن صوتى لا يشبه أحدًا»، يقول محمد رشدى «كان الأمر بالنسبة إلىَّ مفاجئا، فأنا لم أكن أتنبه لهذه الرؤية من قبل، بل أكون سعيدا جدا إذا ما قال لى أحدهم أن صوتك يشبه صوت فلانا من المطربين الكبار، لكن عبدالحليم حافظ كان محقا تماما لمفهوم الخصوصية.
رحل عبدالحليم حافظ منذ سنوات طويلة، لكنه لا يزال «أيقونة» فى الشارع المصرى وفى البيوت، لم يفقد رونقه أبدا، فالمحبون حتى الآن يبعثون بأغنياته رسائل حب تجيد التعبير عما يريدون قوله، والوطنيون يرددون دائما أغنياته الوطنية العديدة فى كل المناسبات.
كان عبدالحليم حافظ فنانا وأكثر، أى أنه كان تجربة نجاح مكتملة، لا يزال الناس يحكون عنها، يعرف قيمة الاختلاف والتنوع ويعرف قيمة العمل والصبر والاجتهاد وبناء الذات ومعرفة الموهبة والاشتغال عليها كما يقولون.
صنع حليم حالة مختلفة فى كل شىء، فى الأغنية والموسيقى والسينما وتحدى المرض وحوله لطاقة إيجابيه فكونه يخشى الموت جعله يعمل باجتهاد أكبر وظل نجما من البداية إلى النهاية.
وفى رأيى مما يحسب بقوة لـعبدالحليم حافظ، هى النظرة الكلية التى نظرها لتجربته، فقد كان مدركا تماما أن الصوت الجميل وحده لا يكفى ليصبح الأول فى جيله، وأنه لا بد من وجود فريق كامل يكون مؤمنا به، لذا سعى لذلك، فارتبط بملحنين وشعراء كبار وشباب يملكون جديدا يقدمونه طوال الوقت ويصنعون له شخصية موسيقية مختلفة، ولعل علاقته بكل من بليغ حمدى وعبدالرحمن الأبنودى أفضل تعبير على ذلك. رغم رحيله عاش عبدالحليم حافظ وسيعيش كثيرا طالما هناك أذن تسمع وتعى الموسيقى وحتى الآن لو أردت أن تذكر الأغنيات الجيدة والمؤثرة لعبدالحليم حافظ ستطول بك القائمة، ولن ينافسه فى ذلك إلا سيدة الغناء العربى أم كلثوم وحاليا فيروز.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة