بمجرد أن تسمع إلى قمة عربية تتحدث عن تمسكها بمبادرة السلام العربية، فتأكد على الفور أنها قمة بلا أنياب، أى أنها منعدمة الفاعلية، وعاجزة عن إحداث تغيير إيجابى لصالحها فى محيطها.
والوضع فى هذا لا يتعلق بطبيعة المبادرة نفسها، وإنما فى عدم الاعتراف العربى الرسمى بأن أوانها فات، وأنه لا يوجد شىء لدى العرب يستطيعون استخدامه ضد إسرائيل حتى تقبل بها.
المبادرة التى يتمسك بها القادة العرب فى كل قمة عربية طرحها العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز أثناء القمة المنعقدة فى بيروت 2002، وتطالب إسرائيل بالانسحاب الكامل من الأراضى العربية المحتلة بما فى ذلك الجولان السورية وحتى الخط الرابع من يونيو 1967، والأراضى التى مازالت محتلة فى لبنان، والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، قبول دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو فى الضفة الغربية وغزة تكون عاصمتها القدس الشرقية، وفى حال قبلت إسرائيل ذلك ينتهى النزاع العربى الإسرائيلى ويتم توقيع اتفاقية سلام بين الدول العربية وإسرائيل، وإنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل فى إطار سلام شامل.
حين طرحت هذه المبادرة عام 2002 قوبلت باحتفاء رسمى عربى بالرغم من أن بعض العواصم العربية اشتكت من عدم التشاور معها مسبقًا بشأنها، غير أن إسرائيل رفضتها، بل تعاملت معها باحتقار شديد، وكان هذا الرفض تعبيرًا أكيدًا عن توازن القوى بين الطرفين العربى والإسرائيلى، وفيه شعور هائل بالقوة من إسرائيل مقابل ضعف واضح من العرب.
طوال الـ15 عامًا الماضية، يتجدد التمسك العربى بالمبادرة، بينما تخطت إسرائيل مسألة الرفض بالكلام إلى إجراءات فعلية على الأرض تؤدى إلى تفريغ كامل للقضية الفلسطينية، كالتوسع الهائل فى الاستيطان بالضفة الغربية، والتمسك بالقدس كاملة، بالإضافة إلى إجراءات أخرى تستهدف الإجهاز الكامل على القضية، ويحدث ذلك فى وقت تتسابق فيه عواصم عربية مؤثرة على كسب ود إسرائيل ولم يعد ذلك سرا.
أمام هذه التحولات أصبح الحديث عربيا عن التمسك بالمبادرة العربية هو «تسديد خانة» ليس أكثر من ذلك، لأنه لا شىء يدفع إسرائيل على قبولها، فطوال السنوات السابقة تحصد كل المكاسب التى تريدها دون أن تتنازل عن شىء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة