لكل الكائنات الحية قانون عام يؤثر فيها وفى تصرفاتها وهو قانون "الكبح" وهو قوة تثبت جودها ودرست درساً وافياً فى فسيولوجيا الجسم، وهى أوضح ما تكون فى أعمال الجهاز العصبى إن كانت معروفة على درجات مختلفة فى أكثر وظائف الكائنات الحية .
فالطريقة الطبيعية التى يتبعها الجسم فى تنظيم وظائف أعضائه - حيث يكون هذا التنظيم متعلقاً بالجهاز العصبى - هى أن يهيىء للعضو نوعين من الأعصاب أحدهما يزيد من تنبيهه والأخر يهدى من نشاطه. فحركة القلب مثلا يسرعها نوع من الأعصاب فإذا أريد أن يهدأ فلا يكتفى فى ذلك بالإقلال من عمل هذا العصب المنبه، بل هناك عصب أخر عمله الأول التهدئة ، وهذا النظام يسمح للقلب أن يتأثر بسهولة حسب الظروف التى يمر بها الكائن الحى ، وهو فى الوقت نفسه يمنع أن يصل هذا التأثر غلى حد الخطر .
وهذا يدل على أن القوتين الأصليتين فى مادة الحياة ( وهى المرونة والمقاومة ) تتخذان مظاهر عديدة ، وهذا مظهرها فى هذه الطبقة العليا من الحياة . وعلى كل حال لا ينازع أحد من العلماء فى وجود قوة ايجابية هى الكبح فى كثير من وظائف الأعضاء ، ولما كان المخ عضواً ، كان من غير المستحيل أن يكون هو الأخر خاضعاً لهذا القانون وليس عجيباً أن يكون خضوعه لهذا القانون خضوعاً بالغاً لأن الكبح أوضح ما يكون فى الجهاز العصبي. والمخ هو جامع هذا الجهاز ، فالكبح فيه يكون واضحاً بالغاً ويكون من السهل أن نتصوره قائماً فعالاً فى كل أعمال المخ بما فيها المعنويات والأخلاق.
وكل أعمال الإنسان يجب أن تؤخذ على أنها ليست من عمل الإرادة وحدها ، إذا قويت قام الإنسان بعمل ما توصى به ، وإذا ضعفت امتنع ، بل أعمال الانسان كحركة القلب توازن بين الارادة الفاعلة والكبح . ولعل ما تقدم ينهى الجدل ليؤكد أن هذا النظام - كما هو الحال فى القلب - ضمان واضح لحسن مواجهة الظروف المختلفة دون تعرض للخطر لتستمر حياة الانسان ( وهذا من فضل الله علينا ) ، وإن تكن هذه الفوائد بالطبع نتيجة لا سببا لوجود هذا النظام الذى هو من أخص صفات المادة الحية ( سبحان الله ) .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة