فى يوم السبت 6 أغسطس 2016 أعلنت دار النشر الفرنسية "بيرانا" أنها عدلت عن نشر الترجمة الفرنسية لكتاب "الفاشية الإسلامية" للكاتب الألمانى من أصل مصرى حامد عبد الصمد، رغم أنها حصلت على حقوق نشر الكتاب بالفرنسية قبل عامين منذ صدور الكتاب للمرة الأولى فى ألمانيا 2014.
يومها قال جان مارك لوبيه، مسئول الدار إن هناك مخاطر لنشر هذا الكتاب، خصوصا من الناحية الأمنية، وأضاف لوبيه فى تصريحات صحفية: "قبل عامين اعتبرنا أن هذا الكتاب مثير للاهتمام حتى لو أننا لا نتقاسم بالضرورة ما هو وارد فيه من طروحات، إلا أن هذا كان قبل شارلى إيبدو ونيس" فى إشارة إلى اعتداءين جهاديين ضربا فرنسا منذ العام 2015.
ويومها سارع عبد الصمد إلى انتقاد قرار الناشر الفرنسى بعدم نشر الترجمة الفرنسية للكتاب، وكتب على مدونته "إن فولتير كان سيتقلب فى قبره لو علم كيف يتم التعاطى مع حرية التعبير فى بلاده بعد 230 عاما على وفاته"، لكن أمس، وبعد مضى 6 أشهر على هذه الأحداث صدر الكتاب عن دار "جراسيه" الفرنسية للنشر.
عبد الصمد والكتاب
كتاب الفاشية الإسلامية
"الفاشية هى نوع من الدين السياسى، أتباعها يعتقدون أنهم يحتكرون الحقيقة المطلقة" هذه هى الجملة الأساسية التى يقوم عليها كتاب حامد عبد الصمد، الذى نشر بالألمانية عام 2014 وترجم إلى الإنجليزية فى السنة نفسها، وكانت النسخة الإنجليزية من الكتاب فى طليعة الكتب الأكثر مبيعا باللغة الأجنبية على الموقع الفرنسى لشركة أمازون، أما الطبعة الألمانية فكانت الأكثر مبيعا هناك. والكتاب يعتمد منهجه الأساسى على المقارنة بين الإسلاموية والفاشية ولقى نجاحا كبيرا فى الوقت نفسه الذى تلقى فيه انتقادات حادة، لأنه لم يفصل بشكل كاف مقولته.
والكتاب، هو الرابع فى سلسلة الكتب التى أصدرها الباحث فى مواضيع متقاربة هى "مستقبل العالم الإسلامى، التحولات الأخيرة فى العالم العربى، والإسلام السياسى أو "الفاشية الإسلامية". وفكرة الكتاب جاءت إثر فتوى بالقتل أصدرها بحق الكاتب بعض رموز السلفية المصرية، بعد إلقائه محاضرة فى القاهرة فى 4 يونيو 2013، حول "الفاشية الدينية فى مصر".
الطبعة الفرنسية
الكتاب مقسم إلى 11 فصلا، ويقارن فيه الباحث فكرة الإسلام الأصولى بالإيديولوجية الفاشية، لا لكونهما ينبعان من المعين نفسه، ولكن من حيث تشابه شروط التجنيد والولاء، وبيئة العمل. ويتوقف الباحث على بدايات الدعوة الإسلامية، الشق المدينى منها خصوصا، وناقش الباحث الحوادث التى وردت حيثياتها فى كتب السيّر والأخبار الإسلامية، مشيرا إلى استناد الأفكار والأدبيات الأصولية الحالية على تلك الحوادث و"جرّها" إلى الزمن الحاضر، من أجل انتزاع الشرعية و"المسند الشرعى" لها.
ويركز الكتاب على البيئة الاجتماعية والسياسية التى أخرجت كل من ابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب وأبو الأعلى المودودى وسيد قطب. ويخوض الكاتب فى مواقف حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين من النازية والفاشية، وكيفية إشادته بكل من هتلر وموسولينى، وينقل أجزاء من كتابة البنا عن تجربة كل من هتلر وموسولينى فيقول: هتلر وموسولينى يقودان دولتهما إلى الوحدة والتقدم والسلطة. يقومان بالإصلاحات الضرورية فى الداخل وإحقاق سمعة طيبة فى الخارج. يبثان الأمل فى الأفئدة، ويوحدان الشراذم تحت راية واحدة قوية".
حامد عبد الصمد
كذلك يعرض المؤلف فى كيفية احتضان البنا وتنظيمه للشيخ أمين الحسينى، مفتى فلسطين وحليف النظام النازى، ومحاولة البنا اقتباس "الانضباط" النازى فى تشكيل "الجناح العسكرى السرى المسلح" للجماعة، فيذهب عبد الصمد إلى أن طريقة التفكير والعمل والشمولية فى الأهداف وإخضاع الفرد للسيطرة وفرض الولاء الأعمى عليه، وإذابه شخصيته وفردانيته فى التنظيم و"الافتداء" به من أجل "الهدف الأعلى"، لهو سمة مشتركة بين الفاشية الأوروبية والإسلام السياسى، نعم، كان الإخوان المسلمون مأخوذين بنموذج هتلر فى الحكم، وكانوا يحلمون بنفس قوة التنظيم والولاء الأعمى، وتوحيد المجزأ بقوة السلاح، وإخضاع الداخل وتذليل كل قوة خارجية.
ويشير الباحث إلى تجربة الإخوان المسلمين فى مصر بعد "ثورة يناير 2011" وكيف إنهم أرادوا مصادرة الدولة وتطبيق رؤيتهم الشمولية و"إحياء" التنظيم القديم والوسائل القديمة ذاتها، بالاعتماد على الفكر ذاته، الإخوان اعتبروا الديمقراطية فى مصر حصان طروادة للقفز على الحكم.
ويرى عبد الصمد أن "الأيديولوجية الفاشية لم يتم إدخالها إلى الإسلام مع الصعود القوى للإخوان المسلمين، لكنها متجذرة فى الأصول التاريخية للإسلام ذاته".
كتاب الفاشية الإسلامية النسخة الإنجليزي
ويضيف أن الإسلام "أنهى التنوع الدينى فى شبه الجزيرة العربية، وفرض على معتنقيه طاعة عمياء وألا يتسامحوا مع أى اختلاف فى الرأى وأن يطمحوا إلى السيطرة على العالم". وأكد عبد الصمد أن "مشكلة الإسلام لا تكمن فى منتقديه، وإنما فى ذاته ونصوصه ورؤيته للعالم". وفى الفصل الأخير الذى أضافه "عبد الصمد للترجمة الفرنسية" تحدث عن شعوره "بخيبة الأمل والغضب" ومعربا عن أسفه بما أسماه"الرضوخ لتكتيكات التخويف التى ينتهجها الإسلاميون". ربما من الغريب أن "حامد عبد الصمد يقول دائما "أنا كاتب ينتقد بشدة الإسلام لكننى لم أهاجم المسلمين مطلقا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة