وسط حالة الغلاء وارتفاع أسعار كافة السلع خاصة الغذائية، وشكاوى المواطنين المستمرة، ظهرت حملات مقاطعة دشنها رواد مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر، ودعوا خلالها جموع المواطنين بمقاطعة سلع معينة حتى تنخفض أسعارها، غير أن تلك الدعوات عادة لا يكتب لها النجاح ولا يتحقق الهدف الأهم منها وهو إجبار التجار على تخفيض الأسعار.
آخر الحملات التى أشعلت موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وانضم إليها الآلاف من ربات البيوت، حملة مقاطعة اللحوم والفراخ والأسماك تحت شعار "قادر أشترى بس هقاطع الغالى"، والتى استهدفت إيقاف عملية الشراء لمدة أسبوعين اعتبارا من 20 فبراير، تزامنا مع فترة صيام الأخوة المسيحيين، حتى يضطر التجار لتخفيض الأسعار التى ارتفعت بصورة مبالغ فيها.
لحوم
ورغم النجاح الكبير الذى حققته الحملة فى أسابيعها الأولى ونتج عنها انخفاض فى الأسعار بواقع 5 جنيهات تقريبا للفراخ والأسماك، وحوالى 10و 20 جنيها فى أسعار اللحوم الحمراء، إلا انه لم يكتب لها الإستمرار حيث عادت الأسعار للصعود مرة أخرى قبل انتهاء فترة المقاطعة، وهو ما بررته حنان عبد الحليم مؤسسة الحملة بأن "الناس نفسها قصير وينقصنا الوعى".
وقالت عبد الحليم لـ "اليوم السابع": "الحملة حققت نجاحا كبيرا فى الأسبوع الأول، ولكن الناس لم تنتظر انتهاء فترة المقاطعة وتكالبوا على الشراء فور نزول الأسعار فعادت للارتفاع مرة أخرى".
أسماك
وأكدت أن تحقيق الهدف من أى حملة مقاطعة يجب أن يصاحبه تضافر كافة جهود منظمات المجتمع المدنى والدولة والمواطنين وهذا هو الأهم، لأنه إذا تغير السلوك الاستهلاكى ستنخفض الأسعار تدريجيا.
نجحت حملات المقاطعة فى العديد من دول العالم فى خفض الزيادة غير المبررة للأسعار و كانت نتاجئها قوية جدا، لكن فى مصر لا يكتب لها النجاح عادة، وغالبا ما تنتهى بالفشل وتستمر الأسعار فى مسارها التصاعدى دون عوائق، وهو ما يرجعه الخبراء إلى عدم وعى المستهلكين المصريين بأهمية وتأثير حملات المقاطعة من جهة، "وقصر نفس هذه الحملات" من جهة أخرى .
سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى للجمعيات الأهلية لحماية المستهلك، ونائب رئيس الاتحاد العربى للمستهلك أوضحت أن حملات المقاطعة نجحت فى خفض الأسعار بالعديد من الدول، وهناك نماذج عربية بارزة فى هذا الصدد منها الأردن والتى حققت فيها حملة مقاطعة البن بعد غلاء أسعاره نجاحا كبيرا وانخفض على إثرها السعر، هذا بخلاف مبادرة اخرى لتخفيض أسعار الليمون التى اطلقتها الجمعية الوطنية الأردنية حيث وزعت 1500 شتلة ليمون ليتم زراعة شجرة ليمون أمام عدد من البيوت، واستغلال المحصول المطروح خلال عامين وتوزيعه على السكان مما أدى لخفض الأسعار بشدة.
وأضافت الديب أن انجلترا اطلقت حملات مقاطعة للسمك والبيض نتج عنها تراجع الأسعار، وتكررت هذه التجارب أيضا فى دول جنوب شرق آسيا وكانت ناجحة، ولكن لم تلق هذه التجارب نفس النجاح فى مصر حيث ينقصها سياسة "النفس الطويل ووعى المستهلكين بتقليل الشراء".
سكر
لافتة إلى "أن مشكلتنا أكبر بعد التعويم حيث ارتفعت أسعار كافة السلع والخدمات دون استثناء، ولا يمكن لأى مواطن مقاطعة شراء كل شئ حتى ينخفض سعره، ولكن فى المقابل أدت هذه الزيادة إلى ركود كبير فى الأسواق نتيجة تراجع القوة الشرائية للمستهلكين حيث لم ترتفع دخولهم مقابل زيادة الأسعار وإذا استمرت هذه الحالة سيجد التجار أنفسهم مضطرين لتخفيض الأسعار لأن السوق عرض وطلب فى النهاية".
ومن جانبها قالت الدكتورة داليا بركات مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة الأزهر، أن المصريين شعب استهلاكى بالدرجة الأولى، والسوق كبير للغاية بعدد سكانه الذى يتخطى الـ90 مليون نسمة، ويصعب التحكم فيه من خلال دعوات المقاطعة.
وأشارت بركات إلى "أننا نعانى مشكلة ضعف الرقابة على الأسواق، وبالتالى فالتأثير فى الأغلب لا يظهر على تخفيض الأسعار وأوضحت بركات أن القوة الشرائية للمستهلكين انخفضت بصورة كبيرة وبالتالى أصاب السوق حالة من الركود، ولم يعد الإقبال على الشراء كثيفا خاصة بالنسبة للسلع الترفيهية والتى ارتفعت أسعارها بصورة كبيرة مثل الشيكولاتة وانواع البسكويت المستورد، والسيارات أيضا التى لم يعد فى مقدور الكثيرين شراؤها".
شيكولاته
ليمون
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة