المهم الآن هدوء العاصفة واستمرار المسابقة، ومعالجة الأخطاء والاحتكام إلى العقل، وإزالة آثار أزمة جهاد جريشة حكم مباراة الزمالك والمقاصة، الذى نزل الملعب متحفزا دون سبب، فجاءت قراراته مهزوزة وعكسية، وخلق بتعنته أزمة كنا فى غنى عنها، وتجعل من المستحيل الاستجابة لمطلب عودة الجماهير إلى الملاعب، فلو كان هناك جمهور فى المباراة لحدثت كارثة، فى وقت تتضافر فيه الجهود لعودة الهدوء والاستقرار إلى الملاعب.
جهاد جريشة تجسيد واضح لأزمة التحكيم، فهذا هو مستوى الحكم الأول فى كرة القدم، عنيد فى الظلم وقوى فى الأخطاء، وقرر منذ البداية أن يتجه بنتيجة المباراة وفقا لأهوائه، وضرب بالعدالة التحكيمية عرض الحائط، وعندما طار مدافع المقاصة فى الهواء، ضاربا الكرة بيده لم ير جريشة رغم أنه كان على بعد خطوات قليلة، وساهم مع سبق الأصرار فى ضياع ثلاث نقاط، تؤدى إلى خروج الزمالك من المنافسة على اللقب، ووضع اتحاد الكرة فى موقف صعب للخروج من المأزق.
أخطاء الحكام المتعمدة تهدد المسابقة، ولأن الزمالك له ظهر وشعبية وإعلام يدعمه ورئيسه مرتضى منصور، فقد استطاع أن يصعّد المشكلة إلى ذروتها، ولكن ماذا تفعل الأندية المغلوبة على أمرها التى لا تمتلك القوة والنفوذ والإعلام، عندما تواجه حكاما مثل جريشة، ولا تجد من يدافع عنها ويحفظ حقوقها؟.. الإجابة: تضرب رأسها فى الحائط، وتكتفى بدور الكومبارس فى المسابقة، ولا تحلم بالحصول على بطولة مهما امتلكت من لاعبين موهوبين، وتسلم أمرها لله، ففى عالم كرة القدم البطولات للزعيمين فقط.
منظومة التحكيم تحتاج ثورة، ورئيس لجنة الحكام اعترف أنه يواجه كارثة بسبب نقص الكفاءات، والهجوم المستمر على الحكام بسبب أخطائهم، أفقدهم الثقة فى أنفسهم، وأفقد الجماهير الثقة فيهم، وأزمتهم الكبرى أن الحياة عندهم أحمر وأبيض، فيحكمون بالألوان وليس بالعدالة، وياويل من يغضب عليه أحد الكبيرين، مصيره التجريس والشوشرة والإيقاف وربما العزل.
كرة القدم عند الناس أهم من سندوتش الفول والطعمية وكوب الشاى فى الإفطار، وجمهورنا عاشق وذواقة ومحايد فى الحق، فالأهلوية أول من اعترف بصحة ضربة الجزاء الملغاة، والزملكاوية أقروا فى مباريات سابقة أخطاء الحكام لصالحهم، ومطلوب من جهاد جريشة ورفاقه أن يعملوا على استمرار المسابقة وليس إلغائها.