هشام محمد المعاز يكتب: الإخوة الفرقاء

الأحد، 05 مارس 2017 02:00 ص
هشام محمد المعاز يكتب: الإخوة الفرقاء خلافات أسرية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شاهدت أحد المشاهير فى أحد البرامج التليفزيونية يتحدث عن شقيق له وكأنما يتحدث عن شيطان مارق أو عدو لدود، لدرجة أنه أكد أنه فى حال موت أخيه لن يكترث لهذا الأمر، ناهيك عن ما سرد من وقائع تقشعر لها الأبدان، من منا لم يتألم لأخيه أكثر من ألمه هو شخصيا فى حادثة تشوبه أو نائبة تنوب عليه.

 

وتعقيبا على هذا الأمر، فكثير ما نرى العداوة والبغضاء يفتان فى عضد الإخوة الأشقاء إلى أن نرى الأمر يتصاعد إلى ساحات المحاكم، ناهيك عن من يستبيحون دماء الإخوَة ويتقاتلون على إرث زائل أو خلافات أسرية لم يتم عليها السيطرة إلى أن تفاقمت وأصبحت فى حد ذاتها لديهم أهم وأقوى من رباط الله الذى ربط به الأشقاء وهو رباط الرحم.

 

وبنظرة فاحصة إلى هذا الأمر، نجد أنه محير فى معرفة أساس هذا الخلاف، ولكنه يصب فى أن النشأة والتربية وهذا فى الأساس الأول مسئولية الأب والأم فى التعاليم التى غرساها فى أبنائهم ومدى تطبيق الأب والأم لهذه التعاليم، فان فاقد الشىء لا يعطيه، فهل كان الأب على وفاق مع أشقائه وهل كانت الأم كذلك أم أن الأبناء ورثوا صفات البذاءة والنفور مع ما تركه لهم أبوهم من ميراث مادى؟.

 

فإن الميراث المعنوى الذى تركه الأب والأم يقسم بالتساوى بين أبنائهم رغما عنهم، وهو ميراث جبرى لا اختيار لأحد فيه، لأن القيم تورث إجبارا، فمحاكاة الأبناء لواقع أبيهم وأمهم يوميا واستماعهم ومعايشتهم لمشكلاتهم وأسلوب تعاطيهم معها هو ما يؤسس لطبائعهم الشخصية وسماتهم التى يعيشون عليها حياتهم.

 

وعلى عكس ما فطر الله عليه خلقه، فإن بعض الأباء والأمهات يورثون أبناءهم الغل والحقد عمدا وعن قصد، ويسيئون إلى مستقبلهم وحقهم فى أن ينبتوا أسوياء على خلافات مادية بينهم وبين الأهل، متناسين أن الأكفان خاوية لا جيوب فيها، وأن الأرواح ونقائها أبدى وأهم من الموروث المادى الذى يتقاتلون عليه.

 

وأما ما لم يورث من صفات كوجود ابن ضال أو حاقد أو حاسد بطبعه فهذا سلوك يجب أن يراقب ويتابع من الأبوين، ويقوم على النحو الصحيح الذى يضمن سلامة النشء وقوامة سلوكهم الاجتماعى، وتصحيح ما اعوج منهم حفاظا على نسل سوى لا عيوب فيه، مما يوفر على المجتمع مكابدة المعاناة من ذلك الاعوجاج مستقبلا.

 

ميراث الحب هو أجمل ميراث تتركه لأبنائك فيتألمون لتألم ذويهم ويفرحون لفرحهم، هذا ما يهون علينا مصائب الدنيا ونائباتها فإذا أردتم بأبنائكم خيرا فورثوهم الحب فهو أهم وأقوى من المال.

ولقد صدق الشاعر حينما قال

 

لا تتركوا الأحقــــاد تملأ صدرنا *** فيشيب منهــــا القلب وهو شبــاب

 

لا تجعلوا الشيطان يمسح عقلنـــا *** والنور يصبح فى العيون ضبــاب

 

لا تقطع الأرحــــام واطرق بابها *** للصلح دومـــــــا تفتـــــح الأبواب

 

صلة الرحـم هى بركة فى عمرنا *** وصفا الأحبـــــة نظرة وعتـــــاب

 

فالله يكرم من يواصـــــل أهلـــــه *** ورضا الإلـــــــه لـــه يكون ثواب.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة