فى الوقت التى تحيى فيه فنزويلا الذكرى الرابعة لوفاة رئيسها الأبرز هوجو تشافيز، بعقد قداس فى المستشفى العسكرى فى كراكاس حيث توفى قائد الثورة البوليفارية، تعانى فنزويلا من عدة أزمات قادتها لصدارة قائمة الدول الأكثر بؤسا فى العالم، وسط توقعات صندوق النقد الدولى بارتفاع معدل التضخم إلى 1640 % لهذا العام بعدما وصل لـ1600% بالفعل.
ومنذ فى الذكرى الأولى من لرحيل تشافيز وفنزويلا تشهد ترد مستمر فى وضعها الأمنى والاقتصادى، وفى عام 2014 قام المعارضين للرئيس نيكولاس مادورو بالنزول للشارع والتعبير عن غضبهم، مطالبين بإصلاحات من شأنها تحسين ظروف المعيشة ولكن ما حدث حتى الآن هو العكس، حيث أن الرئيس مادورو لا يملك قوة الشخصية القيادية التى كان يتمتع بها تشافيز.
واستطاع تشافيز أن يكون فى قلب الكثيرين ولديه الكثير من المؤيدين المعروفين باسم "تشافيستاس" إلا أن حب تشافيز ليس كافيا لتدعيم خليفته مادورو ، حيث عانت البلاد تحت حكمه من تفاقم الفساد ، وأزمة اقتصادية كبيرة بعد انخفاض أسعار النفط، وأيضا أزمة صحية بعد نقص كبير فى الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات وأيضا أزمة اجتماعية كبيرة، فضلا عن أزمة سياسية كبيرة بعد مطالبة المعارضة بنهاية رئاسته وإجراء انتخابات مبكرة.
وأصبحت فنزويلا على شفا الانهيار السياسى والدمار الاقتصادى منذ أشهر، لدرجة دفعت رجال الدين لدعوة المواطنين إلى تصنيف بقايا الطعام التى تلقى فى القمامة حتى يسهل على من يكافحون لملء بطونهم الخاوية التعرف عليها، ودعا خوسية بالمار، رجل الدين البارز المعارض لنظام مادورو أتباعه إلى تنظيف قمامتهم لكى يتمكن الجوعى من تناولها "بكرامة".
ولن تتوقف الأزمات التى تعانى منها فنزويلا بعد تشافيز إلى هذا الحد، بل أيضا فقدت فنزويلا حق التصويت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك بسبب عدم سداد التزاماتها المالية أمام المنظمة الدولية، الأمر الذى جعل المراقبين يقولون إن الأزمة الخانقة المالية والاقتصادية الفنزويلية قد تؤدى إلى اختناق الدولة سياسيا أيضا، مما قد يؤثر على وضعها الإقليمى بين دول أمريكا اللاتينية وفى المنظمات الدولية التى تعتبر من أهم أعضائها.
وولد تشافيز فى 28 يوليو 1954 بولاية باريناس فى الجنوب الغربى لفنزويلا، وهو متزوج ولديه 5 أولاد، قام بانقلاب فى 4 فبراير 1992 ضد الرئيس الفنزويلى كارلوس آندريه بيريز فنجح أولا فى السيطرة على جميع البلاد ما عدا العاصمة كراكاس، إلا أنه قبض عليه وأدخل السجن، ثم أسس مع مجموعة من أنصاره من ضباط الجيش جماعة سرية استمدت اسمها من سيمون بوليفار، زعيم استقلال أمريكا الجنوبية وسلم تشافيز نفسه وعندما حاول زملاؤه تجديد محاولة الاستيلاءعلى السلطة بعد 9 أشهر كان تشافيز رهن السجن العسكرى ولم يكن مصيرالانقلاب الثانى أوفر حظا من الانقلاب الأول، بل باء أيضا بالفشل.
واستطاع تشافيز بعد 6 سنوات استغلال موجة غضب من النخبة السياسية وأسس حزب حركة الجمهورية الخامسة وفاز برئاسة البلاد فى 4 فبراير 1999 ومنذ ذلك الوقت فاز بانتخابات واستفتاءات من بينها تلك التى أحدثت تغييرا فى الدستور على نحو يسمح بتولى فترات رئاسية غير محددة المدة.
وفى العام 1999 وبعد إجراء استفتاء صوت اشعب لصالحه ب92% من الأصوات ، وتم انشاء مجلس تأسيسى أوكلت له مهمة كتابة دستور جديد ليعوض دستور 1961، وفى عام 2000 أعيد انتخاب تشافيز رئيسا للجمهورية التى أصبحت تسمى بجمهورية فنزويلا البوليفارية ، غير أن تدهور أسعار النفط فى 2001 أدى إلى اندلاع أزمة اقتصادية كبيرة فى البلاد.
ويعتبر أصعب صراع فى حياة تشافيز كان صراعه من مرض السرطان الذى اكتشف فى 2011 وخضع لعدد من العمليات الجراحية فى كوبا ودورات علاج كيميائى ، وأثار غيابه جدلا كبيرا فى البلاد، وفى فبراير 2012 أجريت له عملية جراحية إضافية فى كوبا، وفى أكتوبر 2012 أعيد انتخابه لولاية جديدة لـ 6 سنوات وفى ديسمبر 2012 خضع لجراحة فى هافانا لإزالة ورم سرطانى ولم يهدر أى فرصة للحديث مع الشعب، ووصف فى إحدى المرات مديرى شركات النفط بأنهم يعيشون فى شاليهات فاخرة لإقامة حفلات، وفى 5 مارس 2013 توفى تشافيز.
ويعتبر تشافيز القائد الوحيد الذى ذهب للعراق عام 2000 كما أنه كان من أكبر داعمى القضية الفلسطينية ولبنان فى حرب 2006 وكان ضد تدخل الناتو فى ليبيا .
وحظى تشافيز بشعبية فى العالم العربى، فمناصرة الرجل العديد من القضايا العربية جعلت الشارع العربى يلقبه بـ"تشافيز العربى"، وكان يحلو لتشافيز تشبيه نفسه بالرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر الذى كانت خطاباته ومساعيه للوحدة العربية ومواقفه من الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل تشعل حماس الشعوب العربية فى هذا الوقت.
وفى 2006 قرر تشافيز سحب سفير بلاده من إسرائيل ردا على عدوانها وأعلن خفض مستوى التمثيل مع تل أبيب، وفى 2009 طرد تشافيز السفير الاسرائيلى وجميع العاملين بالسفارة ، وفى نفس العام اعترف بدولة فلسطين وأقيمت أول سفارة فلسطينية فى كراكاس، كما أنه طالب بتدريس القضية الفلسطينية فى المدارس والجامعات بدول أمريكا اللاتينية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة