لا أنسى أبدا إعلانا كبيرا فى واجهة المسجد الذى أصلى فيه فى المعادى، يطلب من الأهالى أن يبلغوا لجنة بالمسجد عن أسماء ضباط أمن الدولة، الذين «أساءوا معاملة المواطنين» بأى صورة من الصور قبل 25 يناير، وتحولت اللجنة الإخوانية إلى محكمة تفتيش للتنكيل بالجهاز الوطنى، الذى حمل على عاتقه مهام جساما لتأمين البلاد من خطر الإرهاب، واستخدموا البلاغات الكيدية وشهود الكذب والزور والتلفيق، ووصلت المأساة ذروتها باقتحام مبنى أمن الدولة يوم 5 مارس 2011، بأكاذيب إخوانية اخترعها الشاطر والبلتاجى وصفوت حجازى، تزعم وجود مقابر جماعية فى سراديب الجهاز.
اقتحموا الجهاز فلم يجدوا جثثا ولا مقابر، بل عثروا على ملفات سوداء لجرائمهم الأكثر سوادا، وفضائحم وعمالتهم وتخابرهم، وتصوروا أن سرقة الملفات تبيض سوادهم وتمحو جرائمهم، وفاتهم أن ذاكرة مصر لا يمكن سرقتها لأنها دولة راسخة الجذور، لا تقع ولا تنهار ولا تستسلم، وأن جيشها هو المنقذ فى المحن والشدائد والأزمات، يحمى مؤسساتها ويصون أسرارها، ويضرب كل من يحاول أن يمسها بسوء.
أيام سوداء استهدفت تصفية جهاز أمن الدولة والانتقام من رجاله، والاستيلاء على كنوز المعلومات الهائلة التى ترصد جماعات العنف والإرهاب، وخطط مقاومتهم وإجهاض العمليات الإرهابية، ليمسحوا ذاكرتها وعقلها ووعيها، ويمحوا آثار جرائمهم وتنظيماتهم وعناصرهم، والانتقام من رجال شرفاء قدموا للوطن أعظم التضحيات.
الضباط بشر ولهم أسر وعائلات وأبناء يذهبون إلى المدارس والجامعات، وتحملوا بشجاعة وإصرار كل صنوف الاغتيال المعنوى، لم تضعف عزيمتهم ولم يتزعزع إيمانهم، ولم يستسلموا لمؤامرات عصابات الأشرار، فمصر أكبر من أن يتولى أمرها المرشد ومكتب الإرشاد، ولا أن يتحكم فى أمنها نشطاء الحرق والتخريب، واحتوى جهاز الأمن الوطنى الضربات والطعنات، وعاد أقوى مما كان لاستكمال مهمته الوطنية، فى تدعيم أمن الوطن واستقراره وطمأنينته، وعاقدا العزم على مكافحة الجرائم الإرهابية مهما كانت التضحيات.
كانت لفتة رائعة أن يذهب إليهم الرئيس فى نفس يوم اقتحام المقر، تجديدا للثقة وتفويضا لاستكمال المهام، وتأكيدا على عزيمة الدولة وإرادتها، فى حربها ضد الإرهاب وتطهير البلاد من مخاطره، وتقديم الدعم والمساندة وتوفير الإمكانيات اللازمة، لمسايرة أحدث التقنيات فى العالم لمكافحة الجريمة الإرهابية، وأن يمسح عنهم بقايا الشعور بالظلم، من جراء ممارسات جماعة إرهابية، أرادت الانقضاض على الوطن والتخلص من رجاله الشرفاء.