نحن نتجاهل الأحياء، ونقدسهم بعد رحيلهم، وربما لو منحنا أصدقاءنا بعض اهتمامنا فى حياتهم لتغيرت معادلات كثيرة، نقول هذا بمناسبة رحيل الشاعر والصديق المبدع طاهر البرنبالى، وحجم المراثى والقصص، يكشف عن حقيقة أن طاهر كان مثالا من التسامح والإبداع والطيبة والصبر والشجاعة، وأنه كان سندا لكثيرين، وقد رويت كيف كان وهو فى مرضه، حريصا على مشاركتى إصدار الكتاب التذكارى عن الراحل الدكتور فؤاد ثاقب اعترافا بأفضاله على مرضى الكبد، والفقراء خاصة، كان واهنا يقطع القاهرة شرقا وغربا حتى يرد جميلا، لرجل رأى إنسانيته.
من بين ما كتب من مراثى اتهامات لجهات رسمية وثقافية بإهمال حالة طاهر فى مرضه الأخير، وهو أمر صحيح، لكن بعض هؤلاء كان شريكا بالصمت فى الإهمال، فى الأسابيع الأخيرة كانت المسالة وقت، بالطبع الأعمار بيد الله، لكن الإهمال والتجاهل بيد البشر، كثيرون تذكروا طاهر فى الأيام الأخيرة وهو يتجه للنهاية واهنا ضعيفا عاجزا، خانه الكبد للمرة الثانية، فى المرة الأولى أنقذته زوجته، وحاولت فى هذه المرة، لكن لم يكن ممكنا وكان المفروض توفير متبرع.
حاول البعض صادقا أن يبحث عن حل، والبعض حاول البحث عن حجة، ليتهم آخرين، كان المشترك فى كل هذا هو أن الشاعر مثل طاهر ممن لا شلة له ولا فريق يدافع عنه لا يجد إلا أصوات مفردة، وكانت هناك استجابات، بطيئة، بعضها ضاع فى الروتين.
ربما يكون الأفضل لمن يريد أن يرد جميل شاعرنا وصديقنا طاهر البرنبالى، أن يسعى لتأكيد حصول أسرة الراحل على حقوقه، معاشه من عمله الحكومى ضعيف بالطبع، بالرغم من أنه خدم سنوات طويلة بدأب، ومعاش نقابة البيطريين، هو عضو اتحاد كتاب يحتاج أكثر من بيان رثاء وتأبين، يحتاج أن يسعى الاتحاد لتحديد حقوق طاهر، فى الأداء العلنى والمؤلفات، مع السعى لطبع أعماله الكاملة، هناك حلول كثيرة تحتاج فقط لأن يتحرك محبو طاهر، لضمان تحصيل حقوقه، وحقوق أسرته.
ربما لوفعلنا ذلك يمكن لكل من يريد أن يقدم شيئا، بدلا من أن يظل يلعن الزمن ويكرر حقائق مشهورة، أن المثقف شاعر أو قاص لا يجد اهتماما طالما هو ليس عضوا فى شلة او جماعة تضمن له الحماية.
السعى الحقيقى هو التواصل مع أسرته وضمان حقوقه، وحق أبنائه وهذا هو التأبين الحقيقى الذى يضمن لأسرة الراحل حقوقه.