الدكتور على المصيلحى، قبل أن يحمل حقيبة وزارة التموين، أدلى بتصريحات مهمة حول إعجابه بمنظومة الخبز الجديدة، التى أقرها سلفه الأسبق، خالد حنفى، ولكن كان لديه بعض التحفظات فى التطبيق.
وعندما تولى المسؤولية بدأ الرجل يعيد ترتيب دولاب عمل الوزارة، بإعلان الحرب على غلاء الأسعار، وتخفيض أسعار السكر والأرز، ثم بدأ فى إعادة النظر فى منظومة الخبز، خاصة فيما يتعلق بالكروت الذهبية التى تعطى الحق لأصحاب المخابز الحصول على 3 آلاف رغيف فى المتوسط لكل مخبز لصرفها للمواطنين، الذين لا يحملون بطاقات تموينية ذكية.
قرار الدكتور على مصيلحى بإعادة النظر فى الكروت الذهبية عن طريق تخفيض الحصة المقررة من 3 آلاف فى المتوسط لكل مخبز إلى 500 رغيف فقط، جاء تأسيسًا على مراجعة دقيقة لتقييم منظومة الخبز، التى كشفت عن أن أصحاب المخابز يتلاعبون بالكروت الذهبية عن طريق «ضرب عمليات» صرف وهمية للخبز، ثم يحصلون على تكلفة إنتاج الخبز من الدولة دون صرف «العيش» للمواطنين.
القصة ببساطة، أنه عند استحداث منظومة الخبز، وصرف «العيش» ببطاقات التموين الذكية، كان هناك عدد كبير من المواطنين يمتلكون بطاقات تموين «ورقية» ولم يتمكنوا من الحصول على البطاقات الذكية، ومن ثم لا يستطيعون صرف «العيش»، فقررت الوزارة فى عهد خالد حنفى استحداث الكروت الذهبية، التى تمنح الحق لكل صاحب مخبز صرف 3 آلاف رغيف وصرفها للمواطنين، ولكن وفى ظل غياب «الضمير» تلاعب عدد من أصحاب المخابز لتحقيق مكاسب مادية كبيرة، وتكبد الدولة خسائر تتجاوز 2 مليار جنيه، حسب تصريحات وزير التموين.
قرار وزير التموين بتخفيض كميات الخبز بالكروت الذهبية فقط من 3 آلاف رغيف إلى 500 رغيف للكارت، قرار صائب ورائع، ولكن توقيت تطبيقه خطأ.
الحكومة دائما تتخذ القرار الصح فى التوقيت الخطأ، مما ينجم عنه وقوع مشاكل ضخمة، وحالة من الارتباك وإثارة البلبلة، تمكن خصومها من الجماعات والتنظيمات والحركات الفوضوية، لتوظيفها لمصلحتهم سياسيا، وسكب البنزين على النار لزيادة اشتعالها فى الشارع، وهو ما يحدث الآن فى قرار تخفيض صرف الخبز على الكروت الذهبية.
أصحاب المخابز، قرروا قلب الترابيزة على الحكومة لإجبارها على التراجع عن قرارها ضمانا لاستمرار حصد المكاسب والأرباح، ولا يهمهم إذا كانت الدولة تتكبد خسائر فادحة، من عدمه، المهم فقط أن يحققوا مكاسب كبيرة لتدخل جيوبهم، وليذهب الشعب إلى الجحيم، فمنعوا بيع العيش لأصحاب البطاقات الورقية، وشحنوا صدور المواطنين بالغضب عندما برروا لهم عدم بيع العيش بأن وزارة التموين خفضت الكميات، وحثوهم على التظاهر وقطع الطرق.
وكان يجب على وزير التموين قبل اتخاذ قرار تخفيض صرف العيش على الكروت الذهبية أن يتم تحويل بطاقات التموين الورقية إلى بطاقات ذكية، أولا، ليتمكن أصحابها من صرف العيش، وعند الانتهاء من تحويل بطاقات التموين الورقية إلى ذكية، يتم تطبيق القرار.
لكن الحكومة وكالعادة فى معظم قراراتها، دائما ما تضع العربة أمام الحصان، لذلك اتخذت قرار تخفيض العيش قبل تحويل البطاقات الورقية إلى ذكية، فأحدثت «أزمة بدون لازمة»، وخرج المواطنون فى عدد من المحافظات محتجين وغاضبين، وبالطبع وجدت الجماعات والتنظيمات الكارهة لاستقرار الوطن، ضالتها ووظفتها لمصلحتها، وأشاعت فى منابرها الإعلامية، أن هناك أزمة خبز فى مصر، على عكس الحقيقة.
يا سادة، رغيف العيش، منطقة ملغمة بكل أنواع المتفجرات، والاقتراب منها خطر داهم، ومن ثم فإن على الحكومة أن تحشد جهودها لحل أزمة بطاقات التموين الورقية، وتحويلها إلى ذكية، وتوضيح حقيقة جشع أصحاب المخابز، والضرب بيد من حديد على كل متلاعب ليكون عبرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة