سامح جويدة

الدولة بين طموحات الجديد ومصائب القديم

الأربعاء، 08 مارس 2017 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل ملت الدولة من مشاكلها القديمة وتريد أن تبدأ على نظافة فى مختلف المجالات؟

- نعم تقيم الدولة الآن العشرات من الطرق والكبارى الجديدة، ولكن فى الوقت نفسه الطرق القديمة حالتها «منيلة بستين نيلة»، وأصبحت بعض كبارى العاصمة أشبه بمدقات الصحراء، والشوارع أصبح فيها حفر ونتوءات وكأنها أرض غير مأهولة جرداء، وطرق السفر الزراعية صارت أشبه ما تكون بصور مسطحات القمر، تشقها تلال، وتقسمها وديان وجبال، فهل معنى الاهتمام بالطرق الجديدة هذا الإهمال المؤسف بالشوارع والطرق القديمة؟!.. الله أعلم.
 
- نعم تقيم الدولة الآن عاصمة إدارية جديدة ومبهرة، تم التخطيط لها بأحدث الوسائل، وإمدادها بأفضل المرافق والخدمات، لكن العاصمة القديمة والمحافظات الكبيرة والصغيرة تعانى من مصائب مخجلة، فشبكات مياه الشرب والصرف الصحى فى بعض المحافظات الكبرى لم يتم إحلالها منذ أيام الخديو والوالى والباشا، وبعض شبكات المواسير انتهت صلاحيتها منذ عشرات السنوات، ونكتشف كل يوم مصيبة فى المرافق الأساسية، فالجيزة كلها تحتاج إلى شبكة مياه شرب جديدة، والتجمع الخامس وما حوله نسوا أن يعملوا له شبكة صرف، سواء للشوارع أو حتى للإسكان، ناهيك عن حجم المشاكل المريعة فى المحافظات الإقليمية أو عدم وجود تلك الخدمات من الأساس فى المحافظات النائية أو الصعيدية، فهل سينتقل كل الشعب إلى المحافظة الإدارية الجديدة؟، ولماذا ننفق على الجديد المليارات ونبخل على القديم المتهالك بالإصلاحات؟
 
- نعم تسعى الدولة لإنشاء مئات المصانع الجديدة لتوفير العديد من السلع الغذائية، أو تطوير الكثر من الصناعات والمنتجات، وفى نفس الوقت تعجز عن رفع أداء مشروعات قطاع الأعمال، أو حتى صيانتها وتطوير إنتاجيتها، وتتركها للفشل والسرقة والفساد، رغم أنها توفر وظائف للآلاف من الموظفين والعمال، ويمكن بسهولة إعادة هيكلتها للاستفادة من تلك العمالة بدلًا من تسريحها أو بتطوير منتجاتها لتتلاءم مع متطلبات السوق، بدلًا من إغلاقها أو خصخصتها ومصمصتها؟، وما موقف المصانع المتوقفة منذ ثورة يناير وما بعدها، والتى وصل عددها تبعًا لبعض الإحصائيات إلى 3 آلاف مصنع؟، كيف نطمح فى بناء مصانع جديدة إذا كنا فشلنا فى إعادة تدوير المصانع القديمة؟
 
- نعم تعمل الدولة الآن على استصلاح مليون ونصف المليون فدان، وجار العمل على تقسيمها وتوزيعها على المتقدمين، كما جاء فى الإعلام مؤخرًا، ولكن أين الدولة من عشرات المشاكل والعقبات التى تواجه النشاط الزراعى فى مصر والأرض المستصلحة من بوار وملوحة وغلاء فى الأسمدة والمبيدات؟، أين الدولة من مشاكل صغار المستصلحين ومشاكلهم مع اللصوص والبلطجية من ناحية، وبذور وزارة الزراعة من ناحية أخرى؟، أين الدولة من المصائب التى يعيشها الفلاحون البسطاء ومشاكل الرى والتسويق والتوزيع؟، أين خطط الدولة لتطوير النشاط الزراعى، ووضع خطط حقيقية للتصدير أو للاكتفاء الداخلى؟، وهل معنى أن نحلم باستصلاح مليون ونصف مليون فدان أن نتناسى ونهمل الأرض التى استصلحت بالفعل، وأن نفسد أرضنا الطينية السمراء، ونترك أصحابها بلا مساعدة أو دعم؟
 
- نعم ظهرت بشائر بعض المزارع السمكية التى أقامتها الدولة فى بعض المحافظات، وهناك خطة طموحة نسمع عنها لزيادة مساحات المزارع السمكية، ولكن، لماذا هذا الإهمال العجيب للبحيرات الطبيعية أو الفروع الكبيرة لنهر النيل، وقد كانت منذ فترة وجيزة هى المصدر الرئيسى للأسماك؟.. لم أكن أتصور حينما زرت محافظة الفيوم منذ عدة أسابيع بأن معدلات التلوث قضت على الحياة الطبيعية والأسماك الموجودة فى بحيرة قارون، فهل من المنطقى أن نحشد المال لإقامة مزارع سمكية، ونهمل تطهير هذه البحيرة، وغيرها من المصادر الطبيعية التى كانت تشكل مصدر رزق للآلاف من الصيادين البسطاء؟، وكيف نطمع فى الجديد ونحن نتعامل مع القديم بهذا الكم من التقاعس والإهمال، وكأنها قضية تبديد لكل ممتلكات وإمكانيات الدولة القديمة؟، فهل نحن بصدد إقامة دولة جديدة، أم أن الدولة ملت من مشاكلها القديمة، وتريد أن تبدأ على نظافة فى مختلف المجالات؟ 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة