"ما الذى يتطلبه الوضع لإنسان نشأ تحت تعاليم دين معين، الذى يفهم نفسه وفى الواقع يعيش من منطلق هذا الدين، لأن يتفهم الحقيقية الدينية التى يدعيها دين آخر، لأن يفهمها ويقدرها، ويتقبلها ويحتويها فى تركيبته العقلية والدينية؟".. هذا هو السؤال الذى انطلق منه الدكتور ميشيل فى الحلقة النقاشية التى نظمتها مجلة "الثقافة العالمية" الكويتية، والصادرة عن المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب.
ويبحث الدكتور ميشيل متياس، أستاذ الفلسفة فى جامعة MILLSAPS COLLEGE فى الولايات المتحدة، فى بحثه الذى جاء تحت عنوان "إمكانية تبادل الحوار بين الأديان: "الظروف البنيوية والمنهجية" الظروف التى يمكن من خلالها للحوار بين الأديان أن يكون عملية تحويلية ليس فقط لطريقة فهم المحاور للمفاهيم والقيم للآخر المختلف دينيا، لكن كذلك لانطباعه السلوكى تجاه هذا الآخر.
وعن العقبة الأساسية التى يعانى منها الجميع فى هذه الأمر، أضاف "متياس" علينا أن نعرف أن أكثر العوامل الشائكة والذى يؤسس للتوتر وكثيرا ما نشهده بين الثقافات المختلفة فى العالم، ويتحدى بالضرورة إمكانية قيام حوار بين الأديان، هو "الخصوصية الدينية".
ويرى أستاذ الفلسفة أنه لكى يكون الحوار مهما يجب أن يكون مرتكزا على الرب، وأن يكون محايدا، ومتعاطفا، وأن يكون قائما على قيم المساواة، والاحترام والتسامح، وناقش، كذلك، مفهوم الحوار عموما ومفهوم تبادل الحوار الدينى على وجه الخصوص، كذلك تناول تحليل الظروف التى يمكن للحوار الدينى أن يكون تحويليا على أساسها.
وأضاف أن إحدى السمات المميزة للحوار هى أنها مواجهة ذات هدف. يلتقى شخصان أو أكثر ليحددا حقيقة أو كذب فكرة، نظرية، أو ادعاء ما، أو لمحاولة فهمها، هذا النشاط يتضمن، توضيحا، تعريفا، تحليلا، تقييما، جدلا، تنظيما للآراء عين الاعتبار.
وعن المقادير المطلوبة للحوار بين الأديان قال "متياس": علينا أن نطرح سؤالا، كيف يمكن لجماعة دينية أن ترتفع إلى مستوى الحوار، أو كيف لها أن توجد فى صيغة الحوار؟ وتأتى إجابته بأنهم مفسرو الحقيقة الدينية، والمؤسسة الدينية، المؤسسة التعليمية.
وعرض "متياس" بعض الشروط الأساسية للحوار بين الأديان، هى أولا: التفاهم المشترك، إن الشرط المادى للحوار هو التصريح الواضح للمعتقدات والقيم الأساسية للدينين المتحاورين.
ثانيا يجب أن يكون الحوار مركزا على الرب، وليس مركزا على الدين، وهو يتطلب من المحاورين أن ينظروا إلى معتقدات وقيم بعضهم بعضا، ويتعاملوا معها، ليس من منطلق أديانهم الخاصة، لكن من منطلق فكرة الرب، من منطلق أن كل الأديان الرئيسية هى وحى مقدس.
ثالثا: التعاطف، والمقصود به أن نضع أنفسنا فى موضع الآخر، حيث يمكن لنا أن نشعر بحزن الآخرين وأفراحهم، وإحساسهم بالخوف، وفهم الظروف التى يوجد فيه الآخرون، بحيث نضع عقولنا عن طريق "قفزة خيالية" فى عقل الآخر، ونميز كيف هو بالنسبة إليه لأن يعبد الرب.
وفى النهاية قال "ميشيل متياس" علينا أن نعرف أننا فى حالة حوار الأديان لا نتحاور مع "غريب" إنما نقف بجانب كائن إنسانى، فى هذا اللقاء، أنا لا أسعى فقط لفهم ما يعتقده هذا الآخر أنا أسعى كذلك إلى فهمه هو ومن خلال ما يعتقده.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة