هل تتذكر الجدل، الذى أثير قبل انعقاد البرلمان حول نية الحكومة تطبيق قانون الخدمة المدنية وسط اعتراض البعض وقبول البعض الآخر؟ ثم هل تذكر من حلف بالطلاق تحت قبة البرلمان جازمًا بعدم تنفيذه، ومن توعد كل الرافضين بتفحل الفساد فى مؤسسات الدولة؟ وهل تذكر موجات الجدل، التى دخل فيها المجتمع المصرى بفضائياته وصحفه ومجالسه ومشرعيه قبل إقرار الصيغة النهائية للقانون؟ وهل تذكر الصدمة، التى انتابت البعض بعد إقراره، والارتياح، الذى شعر به البعض الآخر؟ هل تذكر كل هذا؟ ما شعورك الآن وأنت تعرف أن القانون الذى أقر بشكل نهائى فى مطلع أكتوبر الماضى ما زال حبيسًا فى أدراج الحكومة، كامنا فى العصر الجليدى، ليس أكثر من رأس بلا أقدام؟
ستسأل وما الذى أودع هذا القانون فى هذا الجليد؟ وأقول لك لأن الحكومة، التى صورت للعالم أن مصر ستتهدم إذا لم تعتمد هذا القانون مازالت تعد فى لائحة القانون التنفيذية، وكلما سأل أحد عن موعد إقرار اللائحة التنفيذية للقانون قالوا له: الأسبوع القادم إن شاء الله، أى أن القانون، الذى زفه إلينا البعض باعتباره الدواء الفعال لمرض «فوت علينا بكرة يا سيد»، وقع فى مستنقع «فوت علينا بكرة يا سيد»، وهذه أول بوادر الإصلاح الإدارى للدولة.
الشاهد هنا ليس فيما يتعلق بهذا القانون ولائحته، لكن يتعلق بإيقاع الأداء فى الدولاب الحكومى، فالحكومة قاتلت من أجل إقرار هذا القانون، وللأسف حينما أقر القانون لم تفعل شيئا به، تمامًا مثل شاب هدد العالم بالانتحار إذا لم يتزوج ابنة الجيران، بل هدد بإحراق بيتهم وبيت الجيران إن لم يعقد قرانه على حبيبته فى التو واللحظة، وبعدما تم له ما أراد واستجاب له الجميع وأغلق عليه باب واحد مع حبيبته تركها ونام.
للأسف.. بإيقاع العمل «الميت» هذا لن تصلح أحوال ولن يتم القضاء على الفساد، وللأسف أيضًا فإن مثل هذه الأفعال غير المسؤولة تعطى انطباعًا سيئًا عن الدولة ومؤسساتها، كما تفتر عزيمة المتحمسين لأى من مشاريع الحكومة، كما تزعزع ثقة المستثمرين فى حيوية أداء الوزارات، فإذا كانت الحكومة مشلولة إزاء تفعيل قانون قاتلت من أجل إقراره، فما هو الحال مع القوانين الأخرى؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة