«أيها المسلمون هذه الآثار التى خلفى هى أوثان للناس فى قديم الزمان الذين كانوا يعبدونها من دون الله»، هكذا تحدث أحد إرهابيى تنظيم داعش فى سنة 2015، وهو يستخدم مطرقة كهربائية كبيرة لتدمير وجه تمثال الثور المجنح فى العراق، كما نقل فيديو بثه التنظيم، فى تلك الفترة، ومن يومها أدركنا أن هؤلاء المتطرفين لا يعرفون قدرا للتاريخ ولا مستقبلا للحضارة، وها هو بعد عامين من هذا الفيديو أصبح متحف الموصل فى خبر كان، وكان قد سبقته مدينة النمرود الأثرية.
يفقد العراق تاريخه بضياع آثاره بين التدمير والسرقة، وحكاية الإرهاب مع متحف الموصل لها سنوات، ففى يونيو 2014 استولى تنظيم داعش الإرهابى على مدينة الموصل وعاث فيها فسادا، وفى شهر فبراير 2015 شاهد العالم الكارثة التى حلت بالمتحف بعد أن أذاع التنظيم الإرهابى فيديوهات تكشف مدى الدمار الذى ألحقه بثانى أهم المتاحف فى العراق.
أمس الأول، استعادت قوات الشرطة العراقية السيطرة على هذا المتحف، لكن حسب قولها فـ«إن المتحف مدمر تماما ولا وجود للآثار به، سرقها الداعشيون أو دمروها»، ليست هذه هى الهجمة الشرسة الأولى على هذا المتحف المهم، أو الذى كان مهما، فالمتحف الذى تأسس عام 1952، وهو أحد أهم المتاحف بالعراق، وكان يأتى بالمرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد المتحف العراقى فى بغداد، تعرض خلال الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 لعمليات سرقة ونهب واسعة ومنظمة، شملت استبدال عدد كبير من القطع الأصلية بقطع زائفة.
وتأسس متحف الموصل فى عهد الملك فيصل الثانى، وكان مقتصراً على قاعة صغيرة، وتم إنشاء المبنى الجديد للمتحف عام 1972، ليضم أربع قاعات رئيسية، القاعة الأولى هى قاعة عصور ما قبل التاريخ» وتوجد فيها آثار تعود للفترة 3100 قبل الميلاد، فيما تغطى القاعة الثانية «القاعة الآشورية» الآثار التى وجدت فى محافظة نينوى للفترة من 911 قبل الميلاد إلى 612 قبل الميلاد، أما القاعة الثالثة، وهى «القاعة الحضرية» فتغطى آثار الفترة الممتدة من 100 قبل الميلاد إلى 142 ميلادية، أما القاعة الرابعة والأخيرة، فهى «القاعة الإسلامية» وتغطى الآثار التاريخية التى تمتد من سقوط الدولة الساسانية بحدود 640 ميلادية إلى سقوط الدولة العثمانية عام 1924.
كل هذه الآثار انتهت، وتحولت إلى حكايات حزينة عن تاريخ بلد عظيم من أهم الحضارات التى أنشأها الإنسان على ظهر الأرض، قبل أن يعرف همجيو العالم الطريق إليها فيدمروها جهارا نهارا أمام أعين الجميع الذى يشاهد فقط وربما يبدى امتعاضه من هذه المشاهد.