باتت مدينة "الموصل" العراقية وعمليات التحرير التى يقودها الجيش الوطنى العراقى للمدينة من الميليشيات الإرهابية المسلحة وتنظيم داعش الإرهابى، تحت نظر وسمع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حيث ترصد وتراقب تطورات الأوضاع هناك لحظة بلحظة وترسم سيناريوهات المستقبل حرصا على أمنها القومى على المدى البعيد.
وأكد عدد كبير من المحليين والخبراء السياسيين والاستراتيجيين فى تل أبيب خلال تقارير نشرتها الصحف العبرية أن "الموصل" أصبحت تحت الميكروسكوب الإسرائيلى لاستخلاص العبر من المعارك الدائرة هناك خاصة فيما يتعلق بكيفية خوض الحروب بمدن وأحياء مدنية، بالإضافة لإنعكاس ذلك على الأمن القومى الإسرائيلى.
النزوح من الموصل
وبحسب المحللين الإسرائيليين فأن مراقبة "الموصل" تتركز على التعرف على طرق حرب العصابات التى ينتهجها التنظيم، للاستفادة منها، لأن حزب الله اللبنانى سيتعمد اللجوء إلى نفس الأساليب فى المواجهة القادمة ضد إسرائيل، بالإضافة إلى رصد عمليات الموصل من جانب تل أبيب لأن طرد التنظيم مد المدن العراقية والسورية سيدفع كوادر التنظيم إلى التركز فى الجولان، مما سيشكل تهديدا مباشرا على أمن إسرائيل.
وقال المحلل السياسى الإسرائيلى الكبير عاموس هارئيل، فى تقرير له بصحيفة "هاآرتس" إن سيطرة قوات الجيش العراقى على مبنى السلطة المركزية فى الموصل، تقرب نهاية تنظيم داعش فى آخر قلعة كبيرة له على أرض العراق، وفى حال استكمال تحرير المدينة سيشكل ذلك انجازا كبيرا فى إطار جهود أكبر، تخططها وترافقها الولايات المتحدة، بهدف القضاء نهائيا على التنظيم فى شمال العراق وشرق سوريا، محذرا من نزوح عناصر التنظيم للحدود الإسرائيلية.
الجيش العراقى فى الموصل
وأضاف هارئيل، أن هناك 69 دولة على الأقل تشارك فى التحالف الدولى الذى بلورته الولايات المتحدة لمحاربة داعش، وأن عمليات السحق الجوى المتواصلة لأهداف داعش وإلى جانبها التقدم فى المعارك البرية وحملة الاغتيالات الفاعلة جدا ضد قيادات داعش والقاعدة، تعكس فى المجمل العام النجاح فى الحرب الدولية ضد الإرهابيين حتى وإن كان تدريجيا ومؤقتا.
وأوضح المحلل الإسرائيلى أنه فى ضوء هذا تتعقب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هذه التطورات لسببين، الأول يرتبط بالتحديات التى تواجه العراقيين فى الموصل تذكر الإسرائيليين بمصاعب الحرب فى المناطق المكتظة بالسكان فى قطاع غزة، مشيرا إلى أن القوات العراقية منيت بخسائر كبيرة خلال الجهود المتواصلة حتى الآن كما قتل آلاف المدنيين فى المعارك جراء أعمال القصف، ومع ذلك لا يزال قادة كبار فى إسرائيل يدعون أن المصاعب التى ستواجه الجيش الإسرائيلى فى غزة، حال وقوع حرب أخرى، ستكون أشد خطورة.
عناصر حماس فى غزة
وأضاف هارئيل أن السبب الثانى يرتبط بما يحدث على حدود إسرائيل، مشيرا إلى أن هناك ذراعان لداعش على الحدود الجنوبية لسوريا، ويتلقيان الأوامر وأحيانا التمويل من "الرقة"، وبالتالى فانهيار التنظيم سيؤثر عليهما، فإذا تمكن التنظيم من تنمية روح البطولة فى الموصل والرقة، يمكنه إقناع المزيد من الشباب للمضى على طريقه، لافتا إلى أن إسرائيل تحتجز فى سجونها اليوم ما لا يقل عن 85 أسيرا ومعتقلا يتمثلون فى داعش والقاعدة وتنظيمات سلفية أخرى.
وفى السياق نفسه، قال المحلل العسكرى بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليكس فيشمان، إن عيون رجال الاستخبارات والعمليات الإسرائيليين مركزة على المعارك حول الموصل فى العراق، حيث أن الموصل هى مثال لقطاع غزة.
تحرير الموصل
وأضاف المحلل الإسرائيلى أنه بالرغم من الجيش الإسرائيلى احتل من جديد مدن فلسطينية بالضفة الغربية عام 2002 فى عملية "السور الواقى"، وكان له تجربة القتال ضد تنظيمات شبه عسكرية، ولكنه لم يواجه احتلال مدينة بحجم غزة، والتى يتواجد فيها الآلاف من المسلحين بالسلاح والأيديولوجية الإرهابية، مع منظومات دفاعية تم إعدادها خلال السنوات الماضية.
فيما كشف محلل الشئون الأمنية بصحيفة "معاريف" الإسرائيلية، يوسى ميلمان، النقاب عن تغلغل مشاعر إحباط عميق، بالمستوى العسكرى والسياسى فى إسرائيل فى كل ما يتعلق بدور تل أبيب الهامشى فى المكافحة الدولية للجماعات الإرهابية، مشيرا إلى أن جيش أو جهاز مخابرات يشعر بأنه ذو صلة عندما يحظى بتقدير نظرائه نتيجة خبرة وقدرة معينة.
معارك الموصل
وأضاف ميلمان، أنه بسبب ذلك فأن السبب الرئيسى لقيام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بجمع المعلومات عن المنظمات الإرهابية فى الموصل وبقية المدن العراقية والسورية، لكى تبقى إسرائيل ذات صلة بما يحدث فى محيطها.
بينما تناول الخبير الاستراتيجى رون بن يشاى، فى مقال له بصحيفة "يديعوت" العبر التى يمكن أن يستخلصها الجيش الإسرائيلى من معركة الموصل، لتوظيف ذلك فى أى معركة لاحقة بين الجيش الإسرائيلى وكل من حزب الله أو حركة حماس.
ولفت بن يشاى، إلى أن هناك وجه اختلاف مهم بين حزب الله وحماس والجماعات الإرهابية فى العراق وسوريا، وهو قدرتهم الصاروخية التى ستسمح لهم باستنزاف الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
جانب من تقرير هاآرتس
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة