"يا من أتى متوسلا بنفيسة.. أبشر بنيل القصد والإسعاد.. حزت القبول وصرت فى كهف الحما.. ومنحت فضل الله بالإرشاد فادخل حماها وأقصد المولى.. تنل حسن الختام وصحبة الهادي"، بهذه الكلمات اختتم الآلاف من المصريين فى الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، احتفالاتهم بالليلة الختامية للسيدة نفيسة رضى الله عنها، بمسجدها القائم بحى الخليفة .
وشهد ميدان السيدة نفيسة زحاما شديدا كذلك مسجدها وزيارة مقامها الذى كان الوصول إليه أمر كاد يكون مستحيلا نظرا لامتلاء المسجد عن آخره ووقوف الزائرين خارجه يحاولون الوصول لمقامها للتبرك بها وطلب الدعاء من الله ببركة السيدة نفيسة،فيقول الشيخ عبدالله رشدى،إمام وخطيب المسجد،اشتهر قبرها بإجابة الدعاء عنده، وقد نص على ذلك الحافظ الذهبى رحمه الله، وقد جربت أنا ذلك بنفسى مرارا فوجدته حقا .
وأضاف: لما توفيت وفاضت روحها الطاهرة الشريفة بمصر، أراد زوجها إسحاق المؤتمن ابن الإمام جعفر الصادق عليه السّلام نقلها إلى المدينة ودفنها فى البقيع، فسأله أهل مصر أن يتركها عندهم للتبرك بها، وبذلوا له مالاً كثيراً فلم يرض ذلك، فرأى النبى صلّى الله عليه وسلم فقال له: يا إسحاق، لا تعارض أهل مصر فى نفيسة؛ فإن الرحمة تنزل عليهم ببركتها ودفنت فى قبرها الذى حفرته بيدها.
وتمايل الصوفية على إنشاد الشيخ محمود التهامى،نقيب المنشدين،والذى بدأ وصلته فى العاشرة مساء واستمر حتى الثانية عشر،ليصعد والده عميد المنشدين الشيخ ياسين التهامى،ليستمر حتى الثالثة فجرا،وسط زحام شديد وتنظيم لحلقات الذكر والتمايل على انشاده.
"اليوم السابع" التقى الداعية اليمنى الحبيب على الجفرى، والذى كان جالسا على أحد الأرصفة متخفيا خلف المسرح الذى كان ينشد عليه آل التهامى،وما أن عرفه الناس حتى تجمعوا حوله للسلام عليه وهو ما جعله ينصرف إلى مكان آخر بعيدا عن الزحام،فدخل إلى إحدى المقابر هربا من الزحام وحضر الشيخ محمود التهامى،نقيب المنشدين،والذى جاء أيضا متخفيا عقب الانتهاء من وصلته وجلسا سويا حيث قام بعض المرافقين بإغلاق ابواب حوش المقبرة لمنع تجمع الزوار عليهما،وما أن هدأت الامور حتى تحرك الحبيب على الجفرى بصحبة اليوم السابع متوجها إلى خدمة السادة الادارسة والجلوس مع السيد إدريس الشريف الإدريسى، رئيس الرابطة العالمية للأشراف الأدارسة، ورئيس لجنة المصالحة بالمجلس القومى للقبائل العربية.
وفى تصريحات خاصة لليوم السابع قال الحبيب على الجفرى،إن موالد آل البيت بمصر يذكر فيها ابا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهم،وهو ما ينفى ان تكون تلك الاحتفالات مدخلا للتشيع .
وفى كلمة بسرادق الادارسة قال الحبيب على الجفرى،ان السيدة نفيسة رضى الله عنها عندما جاءت لمصر صار الناس يقصدونها فهى سيدة من اهل البيت كانت تدرس فى المدينة وعند بلوغها الحادية عشر لقبها شيوخها بالمسجد النبوى بنفيسة العلوم،وحكى الجفرى ان السيدة نفيسة كانت تنوى الرحيل من مصر وذلك بسبب كثرة اهل مصر عليها وهو ما جعلها تتأذى لعدم وجود وقت لكى تفرغ إلى خلوتها وكانت تريد أن ترتحل إلى المدينة فجاء الوالى يطلب منها عدم المغادرة وعندما علم بشكوتها حدد يوما لاستقبال السائلين فكان يوم الاربعاء من كل اسبوع وهى ما جعله المصريون يوم للاحتفال بالليلة الختامية لمولدها .
وأضاف الجفرى فى كلمته انه يجب علينا أن نخرج من تلك الموالد بعظات وعبر وأن نقتبس منها عفة اللسان، ضاربا مثالا بكثرة انتشار الحلف بالطلاق على لسان الرجال بأن يقول الرجل لدى تعاملاته التجارية اوحتى فى اوقات السمر "عليا الطلاق"،موضحا أن الله جعل العصمة فى يد الرجل ليكن رجلا،مضيفا اننى اعتبر ان الحلف بالطلاق ينقص من رجولة من يحلف به لانه لم يعرف مسؤلية ان الله جعله رجل فينبغى للانسان ان يضبط لسانه .
واختتم الداعية اليمنى حديثه بالدعاء لمصر وان يحفظ شعبها وجيشها وان يصلح حال الشام واليمن وسائر بلاد المسلمين .
فيما قال السيد ادريس الشريف الادريسى،فى كلمة له بمناسبة مولد السيدة نفيسة،ان آل البيت ما عز يعلو عزهم فالجود فيهم متصل فالعز فيهم مؤتمن دنيا واخرة وما قرن من جائهم جاء النبى ورحابهم رحب هدى بنور طه قد أؤتمن لا يسعدنا فى الوجود سواكم ولم نرى فى الكون نور قد علاكم انواركم فى كل وادى .
وشهد ميدان السيدة نفيسة تواجدا مكثفا من رجال الشرطة وخبراء المفرقعات وقوات الحماية المدنية ورجال المرور، الذين قاموا بتحويلات مرورية لمواجهة الزحام المرورى الذى شهده محيط المسجد، والذى امتد تأثيره على طريق صلاح سالم، بينما تواجد خبراء المفرقعات تحسبا للاشتباه فى أى أجسام غريبة، والتعامل معها فورا، فيما انتشر رجال الأمن السريين بين المواطنين لتأمين الاحتفالات والتصدى لأعمال الشغب والتحرش من بعض الصبية الذين شكلوا مجموعات بهدف التحرش وإثارة الفوضى وهو ما نجح رجال الأمن فى التصدى له بإلقاء القبض على عدد منهم.
فيما يستعد أتباع الطرق الصوفية للتوجه لمسجد الإمام الرفاعى بحى الخليفة غدا الجمعة، لبدء الاحتفال بمولد الإمام الرفاعى والذى يختتم بموكب ينطلق من مسجد السيدة زينب رضى الله عنها وحتى جامع الرفاعى، يتقدمه شيخ الطريقة الرفاعية الشيخ طارق يس الرفاعى.
ولم يخل مولد السيدة من بعض التصرفات السلبية كالاختلاط بين الرجال والنساء فى حضرات الذكر، بالإضافة إلى انتشار المقاهى وسط المقابر، كما شهدت الازقة بين المقابر افتراش بعض المقاهى وجلوس الرجال والنساء وشرب الشيشة، دون مراعاة لحرمة الأموات فى عادات سيئة تسيئ إلى مظاهر الاحتفال بتلك المناسبة العطرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة