"نظـر الله لى فأرشـد أبنائى.. فشــدوا إلى العُــلا أى شـدِ"، هكذا قال الشاعر الكبير حافظ إبراهيم فى قصيدته "مصر تتحدث عن نفسها" والتى غنتها كوكب الشرق أم كلثوم، فرغم مرور السنوات لا تزال الآثار المصرية تبهرنا على مدار العقود التاريخية، فقدماء المصرين تركوا لنا كنوزا منها ما خرج للنور والمدفون تحت الأرض أكثر، وتجرى البعثات الاجنبية والمصرية العمل على ظهورها للنور عن طريق الحفائر، وهو ما حدث اليوم حيث تم الكشف عن تمثال لـ الملك رمسيس الثانى وآخر لـ سيتى الأول وذلك فى البعثة المشترة بين مصر وألمانيا العاملة بمنطقة سوق الخميس (المطرية) فى عين شمس.
الدكتور خالد العنانى وزير الآثار يتابع لحظة انتشال تمثال رمسيس الثانى
الجميع وقف منبهرا لحظة خروج تمثالين ملكيين من الأسرة الـ19، وعلى رأسهم الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، وبرفقته الدكتور طارق توفيق المشرف العام على المتحف المصرى الكبير، وتم العثور على التمثالين فى أجزاء فى محيط بقايا معبد الملك رمسيس الثانى الذى بناه فى رحاب معابد الشمس بمدينة أون القديمة.
وأوضح الدكتور محمود عفيفى، رئيس قطاع الآثار المصرية بوزارة الآثار، أن البعثة عثرت على الجزء العلوى من تمثال بالحجم الطبيعى للملك سيتى الأول مصنوع من الحجر الجيرى بطول حوالى 80 سم، ويتميز بجودة الملامح والتفاصيل.
أما التمثال الثانى فمن المرجح أن يكون للملك رمسيس الثانى وهو تمثال مكسور إلى أجزاء كبيرة الحجم من الكوارتزيت، ويبلغ طوله بالقاعدة حوالى ثمانية أمتار.
وأشار الدكتور أيمن عشماوى، رئيس الفريق المصرى بالبعثة، إلى أنه جارى الآن استكمال أعمال البحث والتنقيب عن باقى أجزاء التمثال للتأكد من هوية صاحبه، حيث إن الأجزاء المكتشفة لا توجد عليها أية نقوش يمكن أن تحدد لمن من الملوك، لكن اكتشافه أمام بوابة معبد الملك رمسيس الثانى يرجح أنه يعود إليه.
لحظة انتشال رأس تمثال رمسيس الثانى
ووصف "عشماوى" الكشف بأنه أحد أهم الاكتشافات الأثرية حيث إنه يدل على العظمة التى كان عليها معبد أون فى العصور القديمة من حيث ضخامة المبنى والتماثيل التى كانت تزينه ودقة النقوش وجمالها، فمعبد أون كان من أكبر المعابد بمصر القديمة حيث بلغ كبر حجمه ضعف معبد الكرنك بمدينة الأقصر، ولكنه تعرض للتدمير خلال العصور اليونانية الرومانية، حيث نقلت العديد من المسلات والتماثيل التى كانت تزينه إلى مدينة الإسكندرية وإلى أوروبا. كما استخدمت أحجاره فى العصور الإسلامية فى بناء القاهرة التاريخية.
رأس تمثال رمسيس الثانى
ومن جانبه قال الدكتور "ديترش راو" رئيس الفريق الألمانى إن البعثة تقوم حالياً باستخراج التمثال ونقله إلى موقع المسلة لإجراء أعمال الترميم وإعادة التركيب المطلوب لدراسة مدى إمكانية نقله إلى أحد المتاحف الكبرى، كما تعمل البعثة أيضا على استكمال تصفية المواقع من أية تماثيل أو شواهد أثرية قد يتم العثور عليها.
وأكد الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، أنه فور رفع التمثال من الموقع سيتم نقله إلى المتحف المصرى الكبير لترميمه ليكون ضمن سيناريو العرض المتحفى والذى من المتوقع افتتاحه جزئيا خلال عام 2018، كما أشار إلى أنه فى القريب العاجل سيتم إقامة معرض مؤقت بالمتحف المصرى بالتحرير لعرض الآثار المنقولة والتى تم اكتشافها حديثا بالموقع.
تمثال سيتى الأول
وقال الدكتور خالد العنانى، وزير الآثار، إن مصر بها آثار كثيرة لم تكتشف بعد، وإخراج تمثالين اليوم بمنطقة المطرية الغنية بالآثار حدث مهم وسوف يتم نقلهما للمتحف المصرى الكبير لترميمها.
وأوضح العنانى، على هامش اكتشاف تمثالين لـ رمسيس الثانى وسيتى الأول فى منطقة المطرية، أن المنطقة مليئة بالآثار، وللأسف تعوقنا المبانى الكثيرة عن اكتشاف الكثير، وجارى التنسيق على إجراء الحفائر فى الأماكن المتاحة، والتمثالان المكتشفان اليوم يعطيان دلالات على وجود معابد وأعمدة وفناء للأعمدة تحت المنازل الموجودة هناك.
الدكتور خالد العنانى وزير الآثار يتفقد رأس التمثال بعد انتشاله
ومن جانبه قال خالد أبو العلا، مدير منطقة المطرية، إنه سيتم نقل التمثالين لمعامل الترميم الحديثة لالمتحف المصرى الكبير، يوم الأحد المقبل.
ومن جانبه رد محمد ثروت، مفتش آثار بمنطقة آثار المطرية وعين شمس، على انتقادات النشطاء على التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، حول انتشال التمثالين بمعدات ثقيلة، قائلا: ليس فى الإمكان أكثر مما كان، ومن يجلس وينتقد من بيته يأتى ليشاهدنا ونحن نعانى وسط الطين منذ عدة أشهر، ووسط منطقة عشوائية، يصعب العمل بها، مشيرا إلى أنه يوجد وسائل أحدث مما تم استخدامها، ولكن وزارة الآثار تعانى من ضعف مواردها، ولهذا نحاول أن نعمل فى ظل الامكانيات المتاحة لدينا، ونعمل جاهدين على المحافظة على كل ما يتم اكتشافه.
رمسيس الثانى "1303 ق.م " ينظر إليه على أنه الفرعون الأكثر شهرة والأقوى طوال عهد الإمبراطورية المصرية قاد عدة حملات عسكرية إلى بلاد الشام وأعاد السيطرة المصرية على كنعان، كما قاد كذلك حملات جنوبًا إلى النوبة حيث ذهبا معه أثنين من أبناءه كما لوحظ منقوشًا على جدران معبد بيت الوالى، نصّب رمسيس وهو فى سن الرابعة عشر وليًا للعهد من قبل والده سيتى الأول، ويعتقد بأنه جلس على العرش وهو فى أواخر سنوات المراهقة وكما ويعرف بأنه حكم مصر فى الفترة من 1279 ق.م إلى 1213 ق.م.
محاولات شفط المياه الجوفية لرفع التمثال
خلال إزاحة المياه الجوفية لسهولة انتشال التمثال
لحظة رفع رأس تمثال رمسيس الثانى
خروج رأس التمثال من الحفائر بالمطرية
خلال تنظيف رأس التمثال بعد انتشاله من المياه الجوفية
مكتشفات حديثة بمنطقة المطرية
تمثال رمسيس الثانى قبل انتشاله من المياه الجوفية
الدكتور خالد العنانى وزير الآثار يتفقد تمثال سيتى الأول
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة