أكرم القصاص - علا الشافعي

عبد الحليم سالم

أيام فى وارسو

السبت، 01 أبريل 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان الزجاج يحجب الرؤية والطفل الشرق آسيوى يبكى فى صمت، دموعه تسيل على خديه هزنى البكاء، حاولت أن أخترق الزجاج ناظرا، فإذا والده هناك ينظر إليه الطفل برفقه أمه.. زاد البكاء، وهو يشير بإصبعه الصغير إلى الأب رغم قرب المسافة إلا أن مساحة الفراق كانت بعيدة.
 
لم أتخيل أن تكون العاصمة البولندية وارسو تلك التى أبهرت الوفد الإعلامى المصرى هى وبقية مدن بولندا بمثابة الدموع التى انهمرت لفراق الطفل لوالده الذى جاء من اليابان للعمل، فيها مما يشير إلى التقدم الذى حققته بلا شك. 
 
اقتربت بوابة التفتيش وحجب الزجاج الرؤية مع صوت مسؤولة الأمن لخلع الجواكت والأحذية والأحزمة وفحص الحقائب للعبور وتلاشى تدريجيا بكاء الطفل وشغلته الأم بأشياء أخرى، غادرنا وارسو وما تزال عبارة نائب وزير الزراعة البولندى "ممكن تاخد تفاحه .. من يأكل واحدة منها يوميا لا يذهب إلى طبيب".
 
فى وارسو كيلو التفاح البولندى بنصف "زالوتى"، و"الزالوتى"، هو العملة البولندية تساوى 4 جنيهات أى أن كيلو التفاح البولندى وهو بالمناسبة من أجود الأنواع بـ2 جنيه، ولا يجد من يستورده، فى حين أن التفاح الردىء فى بلادنا يباع الكيلو بأكثر من 20 جنيها، والسؤال لماذا لا نستورد المنتجات الجيدة بأسعار أقل لتوفيرها للمواطن بسعر معقول ؟ ولماذا تسيطر العشوائية على عمليات الاستيراد وعدم الاستفادة من إمكانيات الدول الصديقة فى التجارة بالمقايضة، مما يوفر ملايين الدولارات؟ ولماذا لا نعمل بآليات واضحة تجعل منا دولة مثل بولندا التى كانت ظروفها تماما تشبه ظروفنا الاقتصادية إلا أنها نمت بشكل كبير، ونجحت فى رفع قيمة صادراتها السنوية لنحو 200 مليار دولار أى 5 أضعاف الصادرات المصرية تقريبا رغم أن مساحتها ثلث مساحة مصر وعدد سكانها 38 مليون مواطن .
 
ما الفرق بيننا وبينهم ؟
 
كنت طوال الرحلة فى مدن بولندا المختلفة برفقة الكاتب الصحفى سليمان جودة والكاتبة الصحفية ابتسام سعد وبصحبة الوزير المفوض التجارى الدكتور عبد العزيز الشريف، أبحث عن أسباب نهوض تلك الدولة التى تقع فى وسط أوروبا ومع لقاء عدد كبير من المسؤولين فى "وارسو" و"ودج" و"اجدانيا" وغيرها كانت الاستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى وراء النجاح المنشود، أيضا استطاعت الدولة بشكل أكثر من رائع فى الاستفادة من المنح والقروض الأوروبية لها برفع حالة بنيتها الأساسية بشكل كبير، مما جعلها قبلة حقيقة للاستثمار يكفى أن شركات مثل مرسيدس وتويوتا وهيونداى لديها مصانع فى بولندا توفر آلاف فرص العمل.
 
على جانبى القطار تنتشر المصانع فى تجمعات ومزارع التفاح تمتد إلى الأفق بجانب زراعات القمح ساعتها أدركت أن صادرات بولندا الزراعية التى تبلغ 25 مليار دولار سنويا قطعا ستزيد، وتذكرت أننا صدرنا فقط ب 2.2 مليار دولار صادرات زراعية العام الماضى برغم أن مساحتنا 3 أضعاف بولندا .
 
هناك فى بولندا وطبيعتها الرائعة ومدنها التى تشبه المتاحف المفتوحة تجد روحا مختلفة للمسؤولين، وأغلبهم شباب ولديهم إصرار كبير على النجاح قلما نجده فى منطقتنا وبالتالى مع هذا الاصرار يتحقق النجاح اعتمادا على منظومة لا مركزية من خلال أقاليم شبة مستقلة مكنها من النمو بعيدا عن تعقيدات المركزية.
 
قبيل مغادرتنا للعاصمة وارسو رافقنا الدكتور عبد العزيز الشريف الوزير المفوض رئيس مكتب التمثيل التجارى الذى يتواصل بشكل جيد جدا مع المستثمرين، إلى منزل السفير المصرى حسام القاويش فى إحدى ضواحى وارسو للحديث عن العلاقات المستقبلية وسط حالة من التفاؤل بتقويتها تزامنا مع مرور 90 عاما على العلاقات الثنائية وقرب زيارة الرئيس البولندى لمصر، وطرح السفير رؤية جيدة جدا لتقارب البلدين واعتزام بولندا الاستثمار فى محور قناة السويس واتخاذ مصر بوابة لها للنفاذ إلى الأسواق الإفريقية بخلاف التعاون التعليمى.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة