اعترض البعض على محاسبة أستاذة جامعية على فيديو لها قامت بوضعه هى شخصيًا على صفحتها على فيس بوك تحت خاصية الـ public (بمعنى عام) فظهر على صفحاتنا جميعًا تلقائياً فى غير اختيار ولا اختراق ولا تلصص أو قرصنة من أحدٍ من عديمى الأخلاق والمبادئ لخصوصيتها وقام بتسريبه دون إذن منها وبغير رغبتها (كما حدث وسُرِب فيديو خاص لمنزل ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، أم فَرِحة تحتفل بزفاف نجلها أمر عادى جدًا وحقها تمامًا) أو لكان من حقها مقاضاته فى ذلك ! فعلام الاعتراض؟ هل الاعتراض على أن هناك من لا يتفق مع فكرة الأستاذة ووجه لها النقد علمًا بأن حق الاختلاف مكفول للجميع ومكفول لها شخصيًا كذلك؟ أم الاعتراض على قانون الجامعة نفسه ؟ أم الاعتراض على مبدأ تنفيذ القانون من تحقيق ثم المحاسبة إذا تبين أنها قد خالفت قانون الجامعة؟
نعم للحرية الشخصية فى الحياة الخاصة ولا للتلصص، ولكن حين نجعلها عامة متعمدين فهى لم تعد شخصية!
فى كل بلاد الدنيا لكل وظيفة حسب طبيعتها قوانينها وضوابطها الخاصة بها وعلى كل موظف الالتزام بهذه الضوابط وهذه القوانين أو ليترك الوظيفة للعمل الحر حيث لا جهة تطالبه بشىء ولا أحد يسأله عن شىء، وعلى لاعب لأى لعبة الالتزام بقواعدها وإلا خرج من السباق بل ومن الفريق كله، وقد اُخِذ فى الاعتبار؛ وليس فقط فى مصر؛ إن المعلم خاصةً الأستاذ الجامعى شخصية عامة لا يجب أن تكون لها مكانتها الخاصة فقط فى أعلى السلم الأكاديمى والعلمى بل والتربوى والإجتماعى كذلك، لأنه يربى ويُخَرج الأجيال فعلى المربى أن يكون قدوة على الأقل فيما يظهر لتلاميذه، قطعًا لن يسائله فى خصوصياته أحد لكنه يُساءل عما يُعلن، وما أحب هو شخصيًا أن يُعْلِمنا ونَشَر عن نفسه غير مضطر عامدًا متعمدًا كى يُرِيه لعموم الناس وليس لأقربائه وخاصته فقط والذين قطعاً لا يستوون، وأقول إنى أحياناً آخذ على بعض الأساتذة رجالاً ونساءً ما ينشرونه عن أنفسهم؛ وليس هو رقصًا؛ لكنى أراه أنا غير مناسبٍ! ومن وجهة نظرى أن البعض أيضًا يكتب كلامًا وألفاظًا ولغة لا تليق ولا يليق بنا حتى استحسانها ولا أن تظهر أسماؤنا عليها حتى تكون القيم العلمية والأدبية واضحة غير مختلطة فى أذهان تلاميذنا الذين يتابعوننا، وأحيانًا أيضًا لا استسيغ لقطات البعض لأنفسهم يضعونها على صفحاتهم أو على إنستجرام وإذا أكدنا أن النقاب يصنع حائلاً بين الطالب والأستاذ بغياب لغة الجسد فحضور لغة الجسد بالطريقة ما وارتباطها فى ذهن الطالب بالأستاذ أيضًا قد تصنع شرخًا بين الطالب والأستاذ!
معذرة فهذا رأيى الشخصى فقد تربيت فى بيت يعتبر الجامعة بالفعل حرماً وليس بالاسم ويعتبر استاذها قديسًا فقد كان والدى يرتدى ملابسه كاملة كى يخرج إلى شرفة منزلنا الصيفى على شاطئ البحر كان يقول قد يرانى تلاميذى بملابس النوم فتهتز صورتى، لم يسمح لنا أبدًا ان نلتقط له صورة بزى البحر فيتم تداولها كان يحب أن يكون فى كامل هيئته اذا كنا فاعلين . ولا أفهم فكرة البعض فى وضع صور بملابس غير مناسبة أو لقطات أو كلمات ملتوية للعامة وللجمهور هذه على سبيل العرض وتلك على سبيل الاستعراض بما لا يليق، وأكيد إن هناك مثلى من لا يفهم الهدف من أن يضع أستاذٌ لنفسه وصلة كاملة من الرقص البلدى دون داعٍ لعموم الناس وللجمهور ليس للإبداع ولا لشىء خارق!! ما الهدف ؟ هل هناك هدف سامى؟ إسعاد الجمهور مثلاً!! أو ماذا!! هل لو كان الفاعل رجلاً أو امرأة يختلف موقف الجامعة؟ لا أظن !
أؤكد ألا مصادرة لحق أحد فى الغناء والرقص والفرح قطعًا فهذه حرية شخصية وحق، لكن تحويله عن الإطار الخاص والشخصى إلى بث علنى مباشر تصرف غير واضح الأهداف ويحتاج شيئًا من الإيضاح ولا غبار علينا اذا استفسرنا وسألناه فى ذلك! لكن للأسف يدين الفعل أن ينبرى البعض للدفاع بحصر كل السلبيات التى قد تكون فى المجتمع أو فى الجامعة نفسها على طريقة "ضربوها على عينها قالوا خسرانة خسرانة"! فالقياس على السلبيات يعنى اعترافًا بأن هذا تصرفًا سلبيًا يضاف إلى زمرة من السلبيات ولا يبرئ الفعل والأجدر؛ بدلاً من الدفاع بالرد بسيل من الاتهامات والسلبيات فى الاتجاهات المختلفة؛ أن يتفضل كلٌ بالإبلاغ عما نمى لعلمه ولا نعلم من انتهاكات أو لا تعلمها إدارة الجامعة بدلاً من المطالبه بالتغاضى عما عُرِف للكل ! وليعلموا أن لن ينصلح حالنا ما دام هناك مساومات ومادام هناك من يقنع أن الطريق لمحاربة كارثة التطرف لليمين لا تكون إلا بالتطرف لليسار.
* أستاذ بطب قصر العينى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة