«1» وسام على صدر نساء مصر!
لا تلوموها إذا صرخت واشتكت من نار الأسعار، فالمرأة هى البطل الحقيقى فى معركة الغلاء، وتصبر صبر أيوب على جشع التجار وصمت الحكومة، وتتحمل فوق ما يحمل البشر، «على قد لحافك مد رجليك»، ولكن اللحاف ينكمش والأرجل تطول، والأسعار أصابتها لوثة جنون والدخول محلك سر، وكما يقول المثل «العين بصيرة والإيد قصيرة»، والمرأة تصبر وتدبر على أمل أن يظهر فى نهاية النفق المظلم ضوء.
«2» شعارات ضبط الأسواق.. مسدس صوت!
ليت السادة الوزراء والمسؤولين يقلعون عن شعارات قديمة مثل «ضبط الأسواق، وتشديد الرقابة وحماية المستهلك، وتوقيع أشد العقوبات على المخالفين»، فليس فى أيديهم سلاح حقيقى وتصريحاتهم مجرد مسدس صوت، فقد ولى عهد التسعيرة الجبرية الشمولية، ولا عودة لاشتراكية توزيع الفقر، ولا لمفتش التموين الذى ينزل كالقضا المستعجل على البائعين، فيجبرهم على البيع التعسفى ويلاحقوه بالدعاء و«الله يخرب بيتك»، وينعم التجار بفوضى العرض والطلب، دون سياج آمن من إجراءات، تحمى الناس من وحشية العرض والطلب، كما فى الدول التى اخترعت الرأسمالية، وحصنتها بقوانين تمنع الاستغلال والاحتكار، وتحمى المجتمعات من أنيابها ومخالبها وشراستها.
«3» نأخذ من كل نظام أسوأ ما فيه!
عندما طبقنا الاشتراكية فى الستينيات، أخذنا منها الشعارات الزائفة، وأهملنا قيم العمل والنبوغ والتفرد، فأصبحت النقابات العمالية منظرة ووجاهة ومكاسب، أكثر من حماية حقوق العمال والدفاع عن مصالحهم، وطفا على السطح مليونيرات الياقات الزرقاء والسيارات الفارهة.. وفى السبعينيات تغيرت يافطة «الاشتراكية» إلى «الرأسمالية»، بنفس الشخوص والتوجهات والسياسات، فأصبحنا دولة رأسمالية بعقول اشتراكية، وتم تطعيم النظام الجديد بأسوأ ما فى النظامين، فلا قوانين تمنع الاحتكار وتطلق المنافسة وتجذب الاستثمارات، ولا ضمانات للبطالة والعاطلين، وتعثر قانون تعارض المصالح، الذى يمنع الزواج غير الشرعى بين السلطة والثروة، وتمخض الجبل فأثمر أزمات وتحديات استفحلت بمرور الوقت، ونعانى من آثارها الآن.
«4» معالجة الأزمات بتعطيل تنفيذ القرارات!
فى أعتى الدول الرأسمالية لا تترك الأمور دون تحديد، فالمعروف أن هامش الربح، مثلا، فى العالم كله لا يزيد على %25، عدا بعض السلع ذات التكنولوجيا العالية التى يصل فيها الربح إلى %35، أما فى مصر فيصل الربح إلى %100 و%200 فى بعض الصناعات، ويقيم رجال الأعمال الدنيا ولا يقعدونها ويهددون ويتوعدون، كلما أقدمت الحكومة على اتخاذ إجراءات لحماية المواطنين، مثل عدم تفعيل قرار هامش الربح، الذى اتخذه رئيس الوزراء فى أكتوبر الماضى، بتحديد هوامش ربح للمنتجات والسلع المحلية والمستوردة، ولم تجتمع اللجنة ولو مرة واحدة، رغم تشكيلها رفيع المستوى، من وزراء الاستثمار والتجارة والصناعة والتموين والتنمية المحلية، وممثلين عن الجهات السيادية فى الدولة، وأصبح القرار حتى الآن حبر على ورق.
«5» فزاعات رجال الأعمال.. عرض مستمر!
يرفض رجال الأعمال التسعيرة الجبرية، لأنها فى رأيهم وليدة الديكتاتوريات البغيضة، وتدمر اقتصاديات الدول، وتنعش السوق السوداء وتؤدى إلى اختفاء السلع، وعانت مصر من أوجاعها فى طوابير الجمعيات والسكر والزيت والدواجن والأسماك المجمدة والسجائر، وقد يكون لهم الحق فى ذلك.. ولكن لماذا يرفضون قانون هامش الربح رغم أنه الابن الشرعى للرأسمالية والاقتصاد الحر؟ ولماذا لا يرحمون من فى الأرض ليرحمهم من فى السماء؟ وكلما لجأت الحكومة لإجراءات حمائية يرفعون نفس الشعارات: «إنها تعرقل جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، إنها غير قانونية وتتعارض مع اقتصاديات السوق، لا يجوز اللجوء إليها فى ظل النظام الحر»، ويعلن اتحاد الصناعات حالة التأهب القصوى، لتعطيل أى محاولة لضبط الفوضى.
«6» ارتفع الدولار، انخفض الدولار، تزيد الأسعار!
مفهوم أن ارتفاع الدولار يؤدى لزيادة الأسعار، ولكن لغز الألغاز أن انخفاضه أو ثباته يؤدى أيضا لزيادة الأسعار، وتشتم، مثلا، فى جنون أسعار الأسماك رائحة نتنه، وراءها أصابع قذرة تستحق البتر، فالأسماك من النيل وأدوات الصيد والمراكب صناعة محلية، والسولار بالأسعار المدعومة، والدولار برىء من تحطيم الأرقام القياسية لأسعار البلطى والبورى والمكرونة، أما الجمبرى والسبيط فأسعارها رجس من عمل الشيطان، والشيطان يكمن فى ممارسات جشعة، كلما انفرجت أزمة فى سلعة، أشعلوا النار فى أخرى، السكر وبعده الأرز والزيت والعدس والدواجن واللحوم، وهل يصدق أحد أن كيلو الطماطم بعشرة جنيهات، والبرتقال أبو سرة بـ12 جنيها؟
«7» التجار يطبقون «نظرية المنشار»!
«طالع واكل نازل واكل» ونموذجهم الفاضح تجار السيارات، الذين رفعوا أسعار السيارات %300، «مرتين ونصفا عن زيادة الدولار»، وعطشوا السوق ولجأوا إلى آلاعيب وحيل الحواه، ولم يتنازلوا خطوة رغم الكساد والشلل التام فى حركة البيع والشراء، ومع أن التجارة مكسب وخسارة، إلا أنهم لا يعترفون إلا بالمكسب التام أو الخراب الزؤام، فى سوق يتحكم فيه الطلب السفيه والعرض الكسيح.
«8» وماذا بعد الصبر؟
الدولة هى المسؤولة عن تفريج الكرب، واعتقد أنها وصلت إلى مرحلة نفاذ الصبر، وفى يدها أسلحة كثيرة تستطيع استخدامها لحماية الناس من مصاصى الدماء، وفى مقدورها أن تعوض المرأة المصرية الصامدة خيرا، وأن تكافئها على تحملها ابتلاء الأسعار والجشع والاستغلال والغلاء والدولار.