أكرم القصاص

عم نسيم.. من كرامات القديس الطيب نتعلم الرضا والتسامح والبطولة

الأربعاء، 12 أبريل 2017 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نسيم فهيم، خادم الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، هذا الرجل المبتسم فى رضا وبلا تكلف، ساهم بيقظته فى منع دخول الإرهابى الانتحارى إلى داخل الكنيسة المرقسية، واستشهد مع الضابط عماد الركايبى، وعدد من الضابطات والضباط وأمين الشرطة وآخرين، وحسب رواية أسرته فقد كان يوم الحادث هو يوم إجازة عم نسيم، ولظرف ومصادفة ما، حل مكان زميل له، وظهر فى الصورة وهو يشير للمشتبه به أن يدخل من بوابة كشف المعادن، فى ثانية واحدة لو كان المتهم مر إلى الداخل لوقعت مجزرة أخرى ربما تفوق ما جرى فى كنيسة مار جرجس بطنطا، وكان البابا تواضروس بالداخل، لقد كانت بوابة كشف المتفجرات فى كنيسة طنطا معطلة، بالرغم من تفكيك قنبلة قبل أيام وانفجار أخرى أمام معسكرات الأمن المركزى.
 
مصادفة أخرى قبل ساعات من التفجير، عندما طلب مدير الأمن نقل بوابة كشف المتفجرات إلى خارج الكنيسة، نحن أمام مصادفات تقود بعضها، ولحظات يقوم فيها الشخص بدوره ومهمته بشكل عادى، فينقذ مئات الأرواح، حتى فى المرقسية بالرغم من فظاعة الفعل، وسواد قلوب الإرهابيين، كان اختلاط دماء المسلمين والمسيحيين علامة أخرى، قدمت تعزية، لكن جميعها تكشف عن أهمية أن يقوم كل واحد بدوره وبإخلاص عادى.
 
اللافت للنظر أيضا، هو حالة التسامح التى تبديها زوجة عم نسيم، وكثير من أهالى شهدائنا فى مار جرجس والمرقسية والبطرسية، هم يتسامحون بل ويصلون للإرهابيين، بينما من حقهم الغضب، وكل من شاهد كلمات زوجة العم نسيم وأولاده، وهم يتحدثون ويعزون أنفسهم وغيرهم ويصبرون، تكتشف بسهولة كيف أمكن لهذا الرجل أن يحمى بنفسه البلد كلها من كارثة أكبر وأشد وقعا.
 
هنا يبدو سر من أسرار بنيان الشعب المصرى، تبدو أحيانا مستعصية على الفهم للعقل العادى، وحتى محللين ومراقبين من الغرب يقفون أمام هذه العلامات مندهشين، وبقدر ما نرى تصرفات وعقول مجرمة ومتعصبة وكارهة، بقدر ما نكتشف أن هذه البلد محروسة بقلوب الناس العادية مثل عم نسيم وعشرات الجنود والضباط، ممن يقدمون حياتهم لافتداء أخواتهم، من دون تفرقة هناك عشرات الناس ليسوا نجوم إعلام نراهم يسارعون للتبرع بالدم، يطفئون الحرائق ويحملون الضحايا، ويبكون على الشهداء من دون أن يسألوا عن أسمائهم وهوياتهم، ولحسن الحظ أن هؤلاء هم الأغلبية، وإلا لانفرط عقدنا من زمان، وفى كل أزمة يظهر واحد من هؤلاء وبمصادفة يقدم على فعل يخفف الخسائر، وربما لهذا اعتاد المصريون أن يتبركوا بأوليائهم وقديسيهم، من دون تفرقة، باعتبار كل رجل طيب صاحب كرامة.
 
أمثال عم نسيم هم من أصفهم بأنهم يملكون «يقين النمل»، يعملون بجد وإخلاص، لا ينتظرون جوائز ولا كاميرات، هم من يعانون ويدفعون ثمن كل خطأ، ومع هذا لا يكفرون أبدا بالوطن، ولا يكرهون حتى قاتليهم ولا يتراجع إيمانهم، يصبرون ويعملون ويستشهدون، هم القديسون الأبطال ومن يستحقون أن نتعلم منهم ونتعزى بهم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة