كشفت دراسة جديدة أجراها علماء بجامعة نيوكاسل فى المملكة المتحدة أن خندق "ماريانا" فى المحيط الهادئ أحد أكثر المواقع النائية على الأرض حيث تفوق كمية الملوثات المتواجدة فى أحد أنهار الصين شديدة التلوث.
ويعد خندق "ماريانا" هو أعمق نقطة على سطح الكرة الأرضية ويقع غرب المحيط الهادئ إلى الشرق من جزر ماريانا الشمالية قبالة السواحل الشرقية لليابان والفلبين، ويصل عمق أبعد نقطة فى خندق ماريانا نحو 11.30 كيلو متر تحت سطح الأرض.
وقد تمكن العلماء من اصطياد بعض القشريات التى تعيش فى هذا الخندق، والذى يمتد على مسافة 36 ألف قدم (11 ألف متر) تحت مستوى سطح البحر، بواسطة غواصة روبوت.
وقد كشفت مجلة "ناتشرإيكولوجى أند إفولوشن"، أن العلماء وجدوا مواد ملوثة فى تلك القشريات أكثر 50 مرة من الملوثات الموجودة بسرطان البحر فى نهر لياوهه، أحد الأنهار الأكثر تلوثا فى الصين.
وتشمل المواد الكيميائية التى اكتشفها العلماء اثنين من الملوثات العضوية الثابتة، التى تم إنتاجها فى الفترة بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضى.
وتفيد الدراسة أن نحو 1.3 مليون طن من هذه المواد الكيميائية قد تم إنتاجه على الصعيد العالمى فى تلك الفترة الزمنية، وانتشرت بعضها فى أنحاء البيئة بسبب الحوادث الصناعية وعمليات التصريف، أو تسرب النفايات ، أو الحرق غير الكامل.
وأوضحت الدراسة أن الملوثات العضوية الثابتة لا تتحلل بسهولة، ولذلك فإنها تظل موجودة فى البيئة لفترة طويلة بعد أن تصل إليها.
ويقول آلان جاميسون، رئيس فريق البحث بجامعة نيوكاسل فى المملكة المتحدة، "ما زال الإنسان يفكر فى أعماق المحيطات باعتبارها أراض بعيدة وبكرة وآمنة من التأثير البشرى، لكن للأسف، أظهرت أبحاثنا أن هذا التصور أبعد مايكون عن الحقيقة".
وأضاف "الحقيقة أننا وجدنا مستويات غير عادية من هذه المواد الملوثة ما سيؤدى إلى آثار مدمرة طويلة الأجل للبشرية على هذا الكوكب".
ويعتقد العلماء أن الملوثات العضوية الثابتة وجدت طريقها على الأرجح إلى الخندق من المناطق الصناعية فى شمال غرب المحيط الهادئ، وقد سقطت إلى القاع من خلال "عمود الماء"، وهو مصطلح يقصد به العمود المائى الممتد من سطح الماء حتى رواسب القاع، كما توضح الدراسة أن الملوثات العضوية الثابتة علقت تحت المواد الغارقة مثل البلاستيك المتحلل و الحطام فى البقعة التى يطلق عليها "دوامة القمامة فى المحيط الهادي"، وتجمعت فى الخندق، وظلت هناك لأن المياه لا تتدفق كثيرا إلى الخندق ولذلك لايمكن صرف المواد الكيميائية به.
ويرى العلماء أنه من المحتمل أن تكون الملوثات العضوية الثابتة قد تراكمت بصورة سريعة فى الخندق. فقد أتيح للعلماء عن طريق الإشعاعات الغارقة، والناجمة عن كارثة فوكوشيما النووية عام 2011، معرفة مدى سرعة غرق المواد من السطح إلى القاع، والتى تستغرق مدة زمنية تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.
ويقول العلماء أن خندق ماريانا يعد موطنا لمجموعة متنوعة من المخلوقات البحرية، بما فى ذلك حلزون البحر، وقنديل البحر المتوهج، والأميبا العملاقة، والتى من الممكن أن تكون قد تعرضت لتلك المواد الكيميائية على الرغم من موقع الخندق البعيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة