"كنت ببساطة أتطلع أن أعيد اكتشاف بعض الرؤى الإبداعية التى حققها أولئك الرواد الشجعان كفنان يبحث عن جذوره، وأصالته، لكننى وجدتنى أجوس خلال مجموعة من التشابكات المدهشة لعديد من الظواهر الاجتماعية فى مصر، فى مطلع هذا الموعود بانبثاق فجر النهضة المصرية الباهر" هكذا يرى المؤلف الفنان عز الدين نجيب، فى كتابه "فجر التصوير المصرى الحديث" والصادر فى طبعته الثالثة حديثا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
و"فى عشية ميلاد الفنان" المصرى يرى الكاتب أنه بانتهاء الثورة العرابية ظهر العديدمن الدعاوى تطالب بالاهتمام بالفنون الجميلة، تزعمها أمثال قاسم أمين ولطفى السيد ومحمد عبده الذى قال "إن الرسم ضرب من الشعر الذى يرى ولا يسمع، والشعر ضرب من الرسم الذى يسمع ولا يرى"، مشيرا إلى إنه أعقب تلك الدعوات دلالات تاريخية مهمة للحركة الفنية المصرية، خاصة عام 1891، الذى شهدت حدثين بارزين على حسب وصفه، هما ميلاد محمود مختار ويوسف كامل، والثانى أقام أول صالون ومعرض فنى فى مصر والذى افتتحه الخديوى بنفسه بصحبة بعض الأمراء والأعيان، بدار الأوبرا المصرية.
ويرى الكاتب أن دلالة الحديث تكمن فى أن ميلاد محمود مختار ويوسف كامل والذى تبعه فى العام المقبل ميلاد راغب عياد ومحمد حسن بمثابة بشرى لمصر، التى ظلت لقرون عجاف بلا فن يميزها، حتى جاء هذا الجيل الذى صنع فجر الحركة النفية الحديثة فى مصر.
أما الحديث الثانى فيرى الكاتب أنه أنهى ما أسماه "تيار الفن المتفرنج" الذى كان صنيعه عهدى محمد على باشا والخديوى إسماعيل، فقد كان همهما أن يستجلبا من أوربا إنتاجا فنيا، أصبح الآن لدينا حركة فنية أجنبية على أرض مصرية، وأشار الكاتب إلى إن المعرض الفنى استمر التفاعل معه من الحكام والأرستقراطيون وكان يتم افتتاحه سنويا بواسطة الخديوى، وتم نقل المعرض فيما بعد عام 1902 لمحل "نحمان" ليكون فى أحد الشوارع الكبرى، حتى يستطيع المارة الدخول للمعرض.
أما فى "الشخصية المصرية"، فبحث الكاتب عن ثنايا تلك الشخصية وملامحها، حيث بدأ وعى جاد وقوى بالذات المصرية منذ عهد رفاعة الطهطاوى، تأثر فى ذلك بما رآه من شغف فرنسى بالآثار المصرية، موضحا كيفية تأثر بعض جيل الرواد فى إشارة إلى" محمد ناجى، وراغب عياد، ومحمود سعيد، ويوسف كامل" بالفن المصرى والاحتفاء بتصوير آثار العمارة الفرعونية والإسلامية، ما نتج عنه تبلور ما يسمى بالشخصية المصرية، والذى يرى أنها ظهرت بوضوح فى تماثيل محمود مختار.
وتحدث "نجيب" عن الفنان محمد ناجى وراغب عياد، والأخير قال عنه "عين عياد لا تتعامل مع الواقع الخارجى إلا باعتباره مدخلا إلى روح هذا الواقع، لتفجير استقراره الظاهرى وهدم نظامه المستتب وإقامة نظام أو هيكل جديد خاص، أشبه بساحة "السامر" الشعبى، يتفجر فوقها المكنون العميق للشعب المصرى، فى ملهاة مرتجلة تعج بالمتناقضات، العجيبة التى لا يحكمها إطار المنطق الصورى، بل منطق السحر الذى يحكم حياة هذا الشعب".
الكتاب الذى يتكون من 239 صفحة، يقدم الكاتب فيه أكثر من مائتى صفحة منه ما أسماه دليل اللوحات، وتحتوى عددا كبيرا من صور ضوئية للوحات من الفنانين المصريين الذى تناولهم الكتاب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة