جيلان جبر

مباراة استراتيجية

الخميس، 13 أبريل 2017 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مجلس الأمن يجتمع لإدانة الكيماوى فى سوريا فى موعد ملاصق بلقاء السيسى وترامب، وينتهى اللقاء الناجح بإعادة تموضع لمكانة لمصر التى استعادتها بعد سنوات غياب أتاحت للآخرين دورا أكبر، وبالتالى تم استفزازهم، يعود الرئيس للوطن وتتم عمليات إرهابية كارثية ونجد مجلس الأمن يجتمع لإدانة عمليات الإرهاب فى مصر؟! ثم يظهر فجأة أن الإرهابى مفجر نفسه على بوابة الكنيسة الذى يصلى فيها البابا تواضروس هو إرهابى كان عائدا من سوريا، صدفة أم مخرج محترف أدى إلى أن تتحول الأنظار خلال ساعات من أيام قليلة كانت من ضرب كيماوى فى سوريا ونجاح زيارة الرئيس لأمريكا إلى مشهد إرهاب قبطى فى مصر؟! كل ذلك كان صدفة أم إخراج منتقم جيد؟!
الحقيقة أنه لا يهمنا فى هذا التحليل أن كان الأسد مفترى أم مفترى عليه، فاليوم نشهد مباراة استراتيجية بين الدول بأدوات وإجراءات وأسلوب من العيار الثقيل. فهناك دعم إيرانى وروسى للنظام كبير مما سمح لفتح مسار تفاوضى طويل من جنيف 1/2/3/ ثم إلى الاسيتانا 1/2/ ومع كل ذلك لسنوات ولم يفلح فى شىء أو يتقدم فى شىء للشعب السورى، ولكنه مجرد كان شراء للوقت للنظام ولأصحاب السلطة على الأرض!
نعم فاستمرار الأزمة هو لضمان استمرار مصالح روسيا، وإيران مادام لا نجد مبادرة فعالة أو خطوة واحدة للتهدئة، أو تحرك عسكرى يحسم الأمور، وبراميل الحارقة والكيماوى من الطائرات التى تقصف الإرهاب كلها لم توقف الإبادة الإنسانية ولكن تتصاعد كل يوم من جديد، وأكثر من ستة سنوات نشهد تأزم الحالة إلى الأسوأ على حساب الدم للشعب السورى، وتفتيت الأرض والمناطق بتنويع النفوذ والتغيير الديمغرافى بالتهجير أو التهديد، وتسجل زيادة يوميا من أرقام الضحايا والشهداء واللاجئين، والنازحين، والمعتقلين من المواطنين هذا من جهة، ومن جهة أخرى يتضاعف أنواع وأشكال المليشيات المسلحة والتدخلات الدموية من الإرهابيين وجماعات مسلحة تحت أسماء عديدة بدعم من الجهات إقليمية وعربية وأجنبية كل ذلك يحدث على الأرض السورية، فهناك التدخلات من إيران، وروسيا، وتركيا بالإضافة لإسرائيل وأمريكيا...وإرهاصات تظهر لتغير من كل طرف لتغيير قواعد الاشتباك آخرها ضربة أمريكا التى اعتبرتها فى رأى الشخصى كانت نوعا من «تقليم الأظافر» لروسيا وإيران.
فالازمة تشتد، والنظام لم يستطع تحقيق مساحة أكبر من عمليات الإنقاذ لمصير هذا الوطن.
وأصبح رحيل النظام أو استمراره ليس أهم من بقاء شعب أو تدميره..فالأزمة السورية التى لم تحسم عسكريا ولا تحل سياسيا ولم يقرر لها الحل الأخير حتى الآن دوليا؟!.
وتبقى العدالة الإلهية لإنقاذ هؤلاء الضحايا من المقيمين على النار المشتعلة يوميا، فمنذ أن تم تصعيد التصريحات الأمريكية ضد نظام سوريا فجأة بسبب الضربة بالهجوم الكيماوى على خان شيخون، وسقوط أعداد كبيرة من النساء وأطفال والشيوخ.. فاجتمع مجلس الأمن وانتفض الاتحاد الأرووبى وترقب المشاهد الأحداث السريعة بضربة أمريكية بالصواريخ على المطار الذى خرج منة الطائرات المحملة بالكيماوى لأن هناك اتهاما واضحا يحمل عددا من الأدلة لتورط النظام فى إشرافة على هذة العملية «على حد قول الأمريكان».
وبالتالى اتضح بعدها أن هناك على الأقل علما وخبرا لهذه الضربة الاستعراضية الأمريكية أربكت الحسابات لدى الروس والإيرانيين بوجود رئيس جديد أصبح يعتمد سياسة مختلفة يعطى إشارات إلى إيران وأعوانها والمليشيات التى تدعمها والنظام السورى والرئيس الروسى..حالة عقابية واضحة، وإذا عدنا إلى سنوات ماضية فنظام المقاومة والممانعة الذى سمعنا عن تصريحاته وشعاراته كثيرا لم يبقَ طائرات دولة لم تحلق فى سماء سوريا.
فروسيا دعمت نظام بشار لأن بتدخلها فى الصراع السورى استعادت هيبتها ودورها فى منطقة الشرق الأوسط سواء كان على الأرض بدور عسكرى بنزول قوات أو بدور آخر سياسى واستخدام الفيتو الذى تم استخدامه أكثر من سبع مرات حصنت به النظام السورى من التداعيات لعدد من قرارات مجلس الأمن، وبذلك قامت باستعراض قوة ترجمة فعلية للعالم بإعادة تموضع دولى ترد به على العقوبات التى صدرت ضدها بسبب موضوع أوكرانيا وجزيرة القرم.
وأما إيران فكانت أول من أرسل قوات من الحرس الثورى وعددا من المليشيات التابعة لها مثل حزب الله وغيره لحماية النظام لأن هذا النظام يحقق لها الكثير من الأطماع.
والأهم أن العدو الإسرائيلى القابع على الحدود مازال محتلا لأرض سوريا الجولان منذ 67 ولم تجد مقاومة يوما أو إزعاجا أو مطالبة جدية أو تضحيات أو تهديدات فعلية لعودتها، فقررت إسرائيل مع بعض الأطراف عدم المجادلة على حماية النظام مادام لا تضمن الآتى إن كان أفضل منه، سقف المطالبة والمقاومة عنده كلام أم أفعال إذا أصبح الاحتفاظ بالجولان مع إسرائيل مقابل الاحتفاظ النظام بالسلطة مقايضة مجربة ومضمونة والدليل عدم وجود مقاومة حقيقة لاسترجاع شبر من الجولان فى يوما ما.
أما تركيا فوجدت مصالحها فى العمل على سقوط بشار مادام الأهم هو الهدف لها هو التمدد بالنفوذ الإخوانى إلى عمق الدول العربية والفرصة سانحة مع سقوط سوريا أن تصدر لصالح نظام الإخوان السورى على حدودها.
أكيد لست سعيدة بضربة أمريكية لسوريا، ولكن إشارة ربما لبداية النهاية.. والأفضل والأصلح البحث عن إنقاذ الشعب السورى أولا من مشهد الإبادة المستمرة منذ أكثر من ست سنوات.
أمريكا تضغط على روسيا، وروسيا تضغط على أوروبا بمصالحها التجارية المشتركة، وإيران تتأهب لإعادة تحريك أدواتها لإشعال المنطقة وحماية كل ما حصدته من توغل ونفوذ وضغوط على الإدارة الأمريكية. 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة