قبيل ساعات من فتح أبواب الاقتراع على استفتاء التعديلات الدستورية بتركيا، شن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، هجومًا حادًا اليوم السبت؛ على المعارضة الرافضة للتعديلات والمناهضة للصلاحيات المطلقة التى سوف تمنحها له التعديلات، والتحول من النظام البرلمانى إلى الرئاسى، فى ظل أوضاع مشحونة بحالة الطوارئ، وبقاء آلاف الصحفيين والقضاة والمعارضين فى السجون، منذ محاولة الإطاحة بحكمه فى يوليو الماضى.
وفى آخر مهرجاناته الانتخابية لكسب أصوات الناخبين وعشية فتح باب التصويت قبل استفتاء حاسم على تعزيز صلاحياته الرئاسية؛ انتقد المعارضين للاستفتاء، مكررا رأيه بأن الجماعات الإرهابية تدعم حملة "لا"، داعيا أنصاره إلى الإقبال على التصويت. كما هاجم أردوغان منظمة "الأمن والتعاون فى أوروبا" التى انتقدت الجو السياسى فى تركيا عشية الاستفتاء على التعديل الدستورى فى ظل حالة الطوارئ فى البلاد.
وقال "أردوغان": "أصبحوا الآن يقولون إنه إذا ما صوت الشعب بنعم للتعديل الدستورى، فإن ذلك سيكون نتيجة للمخالفات التى سترتكب خلال الاستفتاء"، موضحا: "من أنتم؟ عليكم قبل كل شيء أن تعرفوا حدودكم، وهذا الأمر لا يعنيكم".
ويهدف أردوغان من التجمعات إقناع أكبر عدد ممكن من الناخبين الذين ما زالوا مترددين قبل هذا التصويت الذى تبدو نتائجه غير محسومة، وقال أردوغان "إن شاء الله سيكون غدا يوم عيد لتركيا"، داعيا الأتراك إلى التوجه إلى مراكز الاقتراع.
ودعا الأتراك إلى التصويت غدًا على إصلاح دستورى ينص خصوصا على إلغاء منصب رئيس الوزراء لمصلحة تعزيز موقع الرئيس الذى سيمتلك صلاحيات واسعة، وذلك بعد 9 أشهر على محاولة الانقلاب على أردوغان فى يوليو الماضى، والتى أسفرت عن مقتل 265 شخصًا، وإصابة المئات، وبعد هجمات إرهابية متعددة شهدتها بسبب الحرب الدائرة فى سوريا.
وقال أردوغان إن جميع استطلاعات الرأى تقريبا تشير الى الاستفتاء بـ"نعم" على الدستور، مضيفا أن "البعض يتوقع أن يكون المعدل أقل من 55% بينما يقول آخرون إنه من المحتمل أن يتراوح بين 55 و60%".
ولم ينسَ أردوغان أن يمنح شعبه وعودا زائفة حال تصويه بنعم، قائلا أن "التعديلات الدستورية المزمع الاستفتاء عليها، هى نظام إدارة جديد ومهم بالنسبة لمستقبل الأجيال القادمة".مشيرا إلى أن "المعارضين لتلك التعديلات لا يقدمون حلولًا لمواجهة التحديات؛ وكل ما يقومون به هو معارضة جميع الخطوات التى تساهم بتقدم البلاد".
ورفعت المعارضة شعارات حذرت فيها من أن التعديلات الدستورية تضع الرئيس رجب طيب أردوغان فى مقام "الأنبياء"، الأمر الذى رفضه مناصرو حزب العدالة والتنمية، وعدوه خروجا عن حدود المناكفات السياسية إلى مساحات تطول القيم الدينية والروحية للمجتمع.
من جانبه، دعا زعيم حزب "الشعب الجمهورى" التركى المعارض، كمال كليتشدار أوغلو، فى إطار الحملة المناهضة للتعديل الدستورى الأتراك إلى حماية الجمهورية يدا واحدة، وقال: "دعونا نبتعد عن المغامرات التى ستفضى إلى القضاء على جمهوريتنا، وألا نغامر بمستقبل أبنائنا ولا يتوجب علينا التضحية بفرصنا المتكافئة والمساواة أمام القضاء وتحميل السلطة مسؤولياتها، موضحا:"الاستفتاء قد يحرمنا من كل ذلك".
وتتضمن المواد المعدلة المقرر الاستفتاء عليها إجراء الانتخابات البرلمانية فى البلاد مرة واحدة كل 5 أعوام، وإجراء الانتخابات الرئاسية فى اليوم ذاته، كما يشترط أن يكون سن الترشح لرئاسة الجمهورية التركية 40 عاما، وسيتمكن رئيس الجمهورية، وفقا للمواد، من تعيين أكثر من نائب واحد له، وتعيين نوابه والوزراء من بين الأشخاص الذين تتوفر لديهم شروط الترشح للنيابة، وإقالتهم. ويشترط على نواب رئيس الجمهورية ووزراء الحكومة أداء القسم الدستورى أمام البرلمان.
ويشهد الشارع التركى استقطابا حادا قبل إجراء الاستفتاء، فحزب العدالة والتنمية (الحاكم) وشريكه فى تأييد التعديلات الدستورية حزب الحركة القومية يحشدان كافة الجهود تحت عنوان "نعم" فى حملتيهما المنفصلتين فى الدعوة للتصويت بالإيجاب على التعديلات. وفى المقابل، يقف حزب الشعب الجمهورى منفردا خلف عنوان "لا" الذى اتخذه شعارا لحملته الداعية للتصويت ضد التعديلات، معولا على تغير حالة الاصطفاف السياسى فى الاستفتاء عما سبقها من اصطفافات خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
وأطلق الحزبان المؤيدان للتعديلات الدستورية شعارات من قبيل "نعم.. قرار أمتنا"، و"نعم.. لأجل مستقبل تركيا"، فى حين يرفع الحزب المعارض شعار "لا.. من أجل مستقبلك".
وتتيح المواد الجديدة فتح تحقيق مع رئيس الجمهورية استنادا إلى مقترح تطرحه الأغلبية المطلقة من إجمالى أعضاء البرلمان التركى، وفى حال الموافقة على التعديلات فى الاستفتاء، يحكم أردوغان تركيا حتى عام 2029، ويبلغ عدد من لهم حق التصويت فى الاستفتاء 55 مليونا و300 ألف ناخب فى ولايات تركيا الــ81، وكان وزير الداخلية التركى سليمان صويلو قد قال فى تصريحات للصحفيين بالعاصمة أنقرة إن أكثر من 390 ألف عنصر أمنى سيشاركون فى تأمين الاستفتاء، بينهم 251 ألف و788 شرطيا و138 ألف و445 عسكريا.
وتستعين الحكومة التركية بخدمات 70 ألفا آخرين من المدنيين العاملين فى حراسة القرى وأفراد الأمن فى مناطق جنوب شرق البلاد لتأمين الاستفتاء.
وقد أنهى أتراك الخارج تصويتهم الذى بدأ فى 26 من مارس الماضى فى 120 ممثلية دبلوماسية لبلادهم فى أكثر من 57 بلدا، حيث شهدت العواصم الأوروبية تحديدا ارتفاعا واضحا فى نسبة المشاركة بالمقارنة مع آخر انتخابات برلمانية (حوالى %20)، ولعل الأزمة التركية - الأوروبية الأخيرة قد ألقت بظلالها على نسبة التصويت هناك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة