فى الرحلة التى تستمر ساعتين بين الصحراء والقطع الزراعية المتناثرة بمحافظة المنيا، بالتأكيد سيقودك هذا الفراغ لتهيم فى ذكريات طفولتك، كانت السيارة «تنشال وتنهبد» حسب التعبير الدارج، مع كل منحنى وفوق كل مطب، ومعها تتقلب صور الطفولة، حيث كثير من المتع التى لم يشاهدها بطلنا «مصطفى» الذى بلغ 14 عاما ليجد نفسه داخل دائرة الهموم مبكرا، فهو يستيقظ فجرا ويذهب للعمل فى المحجر على ظهر سيارة نصف نقل هو وزملاؤه ليجد نفسه فى أحضان جبل قاس وبرد قارس.
فقد مصطفى محمود عبدالعظيم، والده منذ 4 سنوات، ليجد نفسه مضطرا للعمل، أملا فى توفير قدر أدنى من الحياة والكرامة لأسرته المكونة من 3 أفراد، خاصة أمه التى تكرر دائما أنه «راجل»، ويتحمل المسؤولية، وهو ما يبرر عمله فى المحجر لاستخراج أطنان «البودرة» فى ظروف وساعات عمل أكثر مما يحددها القانون أو يتحملها البالغون، ويقول مصطفى: «أول يوم جئت إلى الجبل منذ أربعة أعوام عقب وفاة والدى، وأتقاضى الآن ما بين «250 و300» جنيه أسبوعيا، تكفى بالكاد المأكل والمشرب لى ولأسرتى».
يتقاضى مصطفى 6 جنيهات فقط، عن كل طن «بودرة» من حجارة الجبل يجمعها فى أكياس ورقية، ويضيف: «ساعات كتير بشتكى من كتر الوجع فى ظهرى، وبحس بضيق فى التنفس من كتر العفرة والتراب فى الجبل، بس هعمل إيه؟ لقمة العيش مرة»، ويضيف مدللا على صعوبة عودته إلى المدرسة: «أتمنى أسيب الشغل هنا، بس لازم أصرف على أخواتى، نفسى أشوف شغلانة تانية أنا واللى معايا، عشان بنتعب كتير، وشغلانتنا خطرة وببقى خايف وإحنا طالعين الجبل بالعربية».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة