يعتقد البعض منا أنهم حماة الدين، وأنه سيضيع لو لم يتدخلوا طوال الوقت لإنقاذه، وهؤلاء البعض لم يكلفهم أحد بالمسؤولية، بل يحملونها على عواتقهم طواعية، ثم لا تلبث هذه المسؤولية أن تتحكم فيهم وتدفعهم لكثير من التعنت، وارتكاب الجرائم باسم الدفاع عن الدين، مثلما حدث فى باكستان مؤخرًا.
تقول وكالات الأنباء، إن مجموعة من الطلبة قتلت طالبًا من زملائهم فى حرم جامعة عبد الوالى خان شمال غربى باكستان، بسبب مزاعم بازدرائه الإسلام.
ونقلت الوكالات عن الشرطة، أن المجموعة هاجمت القتيل، وهو طالب بقسم الإعلام بالجامعة فى مدينة مردان، بسبب إدارته صفحات على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، زعموا أنه نشر فيها محتوى يسىء للإسلام.
وأن الطالب تعرض للاعتداء على أيدى مجموعة من الطلاب ويبدو أنه توفى متأثرًا بطلق نارى، وأمرت إدارة الجامعة بإغلاق الحرم الجامعى لأجل غير مسمى، فى حين طلبت من الطلاب المقيمين بنزل الطلبة إخلاء غرفهم.
بينما نقلت صحيفة «إكسبريس تريبيون» عن شهود عيان قولهم إن المجموعة المشتبه بها أحاطت بغرفة القتيل، وأجبرته لاحقًا على قراءة آيات من القرآن الكريم، وقتله الطلاب رغم ذلك بألواح خشبية.
ويقول المراقبون إن ذلك ليس غريبًا فى باكستان، فالمتهمون بازدراء الإسلام هناك عادة ما يكونون هدفًا للجماعات الإسلامية المحلية، حيث يتعرض بعضهم للقتل رميًا بالرصاص، أو الحرق أحياء، أو الضرب بالعصى حتى الموت فى بعض الحالات، وفى عام 2011، قتل حاكم ولاية البنجاب، سلمان تاسير، على يد حارس من طاقم حراسته بعد أن استخدم الحاكم نفوذه من أجل إطلاق سراح امرأة مسيحية كانت مسجونة بتهمة ازدراء الإسلام.
والأسئلة التى تفرض نفسها بعد هذه الحادثة التى ستتكرر كثيرًا، لماذا يعتبر هؤلاء أن الإسلام «ضعيف» وأنه فى حاجة لمن يحميه بهذا الشكل العنيف الذى يصل إلى القتل؟، ولماذا لا نثق فى أنفسنا وفى ديننا وأصبحنا مصابين بالتوتر والقلق طوال الوقت؟ ولماذا نعتبر أن الانتقام من المسىء للدين بطولة؟ ولماذا لم نتعلم شيئًا من سير الرسول الكريم وصحابته الأجلاء وطريقتهم فى معاملة المخالفين؟
كما أن الشىء المفزع فيما حدث بباكستان هو أن طلبة جامعة من قاموا بهذا الفعل الوحشى، والمفروض أن طلبة الجامعة «نخبة» والمتوقع منهم أن يكونوا حملة الوعى القادرين على إنارة المجتمع، فلو كان ذلك حالهم من العنف والتعدى حتى القتل باسم الدين فكيف سيفكر الناس العاديون فى الشوارع.
ما حدث فى باكستان يحدث فى كثير من البلاد الإسلامية، الجميع مستعد للقتل دفاعًا عما يراه ازدراء للدين ولا يقبل توبة ولا يقدم تسامحًا، لقد صرنا غاضبين وفقط.