"هنا شركة الخدمات العامة" بهذه العبارة يرد "ممدوح" على الهاتف ليستقبل بحماس شديد ممتزج بالفرحة طلبات أصحاب السيارات لاستئجار سائقين يعملون لديهم بالساعة على سياراتهم الملاكى فى مشاوير عائلية نظرًا لعدم قدرتهم على تشغيل سائقين بالشهر.
هذه الفكرة ربما تظنها فكرة حديثة لواحدة من خدمات السيارات بالهاتف أو بالإنترنت ولكنها فكرة ترجع إلى العام 1961، حيث طرحها الفنان "أحمد رمزى" أحد أبطال فيلم "لا تطفئ الشمس" سابقًا كل أفكار مشاريع خدمات السيارات التى ظهرت فى السنوات الأخيرة.
الفيلم الذى كتب قصته الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس، وأخرجه صلاح أبو سيف يحكى عن قصة عائلة أرستقراطية محافظة تواجه أزمة مالية بعد رحيل الأب تاركًا 5 أبناء بالغين يحاول كل منهم أن يشق طريقه فى الحياة، ويحاول الشابان أن يوفرا مصدرًا للدخل للأسرة، وبينما يسعى الابن الأكبر فى المسارات التقليدية التى تتناسب معه كابن عائلة أرستقراطية محافظة كان الابن الأصغر يفكر فى مشاريع غير تقليدية ومبتكرة.
هذه الفكرة قريبة كثيرًا من فكرة مشروع أوبر الذى ظهر عالميًا عام 2009، أى بعد الفيلم بـ48 عامًا. وتهدف الفكرة إلى استغلال السيارات الملاكى بشكل أفضل وتشغيل السائقين بالمشوار أو الساعة، بدلاً من أن تضطر الأسرة لاستئجار سائق خاص يعمل لديهم بالشهر، وفى الوقت نفسه توفر فرص عمل لمن يجيد القيادة، ومصدر لدخل إضافي؛ ولكن الفارق الوحيد بين الفكرتين هو أن "شركة الخدمات العامة" تخدمك من خلال سيارتك وليس السيارة الخاصة بالسائق كما فى خدمات "أوبر" و"كريم".
وفى مشهد من الفيلم شرح "ممدوح" أو "أحمد رمزى" فكرته ببساطة للأسرة، وقال "النهاردة ابتديت حياتى من جديد.. عملت شركة لتشغيل السواقين بالساعة.. أصل فى ناس كتير عندهم عربيات ومعندهمش فلوس كفاية يدفعوا مرتب سواق.. بيسوقوا بإيديهم.. بيروحوا مكاتبهم الصبح وتفضل العربية ملطوعة قدام الباب طول النهار يبقى اللى عايز سواق يروح بيها مشوار مع العيلة.. يتصل بينا نبعتله سواق ياخد أجرته بالساعة.. والساعة بريال.. والنهاردة نزلت إعلان صغير فى الجرايد.. وماكنتش فاكر المشروع هينجح بالسرعة دى".
ولكن هذه الفكرة الواعدة واجهت معارضة من جميع أفراد الأسرة الذين اعترضوا على نشر "ممدوح" رقم تليفون البيت على صفحات الجرائد، وقال شقيقه الأكبر الذى لعب دوره الفنان "شكرى سرحان": "طبعًا نزلت نمرة تليفون البيت فى الإعلان...انت مجنون لازم تعرف إن البيت دا فيه بنات.. ولما تنشر نمرة البيت فى الجرنال كأنك عملت البيت دكان.. دكان فيه بنات.. فيه أمك واخواتك.. اسمع إذا ما شفتش حل فى الحكاية دى أنا هقطع التليفون من بكرة.. تبقى تعمل مشاريعك برة البيت وتبقى تخلى عندك دم".
ولكن المشروع لم يكتب له الاستمرار ليس فقط لمعارضة "شكرى سرحان" وإنما فى مشهد تالِ يوضح "ممدوح" لأحد أصدقائه السبب البسيط الذى وقف عقبة فى طريق تنفيذ مشروعه "كل ما اجى اعمل شغلانة ألاقى الدنيا تتسد فى وشى، أنت فاكر شغلانة السواقين اللى كنت قلت لك عليها.. جالى طلبات كتير. النهاردة رحت استلم أول طلب من زبون.. تعرف يقولى إيه؟ يقولى فين الرخصة؟ كأن الرخصة هى اللى هتسوق".
ورغم تأكيد صديقه على أن الزبائن محقين وأنه يجب أن يطمئنوا، لكنه أشاد بالفكرة وقال له "إنما هى فكرة حلوة ما خطرتش على بال حد أبدًا برافو عليك".
هذه الفكرة المبتكرة طرحت من خلال السينما المصرية منذ عشرات السنوات، مع توضيح العقبات التى يمكن أن تواجهها، إلا أن أحدًا لم يفكر استغلالها أبدًا وتطبيقها على أرض الواقع، ولم تعرف مصر هذه الخدمات المشابهة قبل أن تأتى الفكرة من شركة عالمية.
احمد رمزى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة