قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، أن جماهير العامة -فضلا عن الدارسين والمختصين- أصبحت تشعر بأن هناك حملة ممنهجة من بعض الإعلام على الأزهر الشريف، ومَن يقومون بهذه الحملة طائفتان: طائفةٌ تعلم أن هذا الكلام الذى يروِّجونه فى برامجهم ليس حقيقيًّا ولا أصل له، وإنما هو فرصة فى هذه الظروف لجذب المشاهد ولكثرة الإعلانات، وهذا يعنى أن المعيار الذى يحكمهم هو المصلحة المادية التى تهدف إلى الكسب، ولا تنظر بحال إلى مصلحة الناس، فهى مصلحة غير معتبرة، مشيرًا إلى أن هناك تزييفًا للوعى يحدث كل ليلة، وذلك لأن المشاهد حين يسمع دائمًا وفى أكثر من برنامج أن الأزهر مناهجه إرهابية، وأنه هو الذى يخرج الإرهابيين، فهذا الأمر يشد الناس، وربما كان طُعمًا يبتلعه البسطاء ضحايا هذا التزييف، ولكن هكذا صناعة الإعلانات تبحث كلها عن المال، ولو بالمواد والإعلانات التى تضر بتربية بالفرد والمجتمع.
وأضاف فى حديثه الأسبوعى على الفضائية المصرية، أن ما يحدث الآن من تناول الأزهر يوميًّا يهدف إلى جذب المشاهدين وزيادة عددهم وإثراء مجموعة قليلة تفهم جيدًا أن هذا الكلام ليس حقيقيًّا، لكن هو مصيدة للثراء على حساب المشاهد البسيط الفقير، وهذا أن جاز فى الحضارة الغربية التى تحكمها الجوانب المادية البحتة، لا يجوز فى الشرق، لأن الحضارة الشرقية يحكمها الخلق والدين، مؤكدًا أن المجتمعات من الناحية النفسية السيكولوجية وكأرض وكتاريخ وتراث، لها قيم تحركها وتحكم تصوراتها، وهى تعيش فى انسجام تام مع هذه القيم، ولكن ما يحدث الآن هو إبعاد لهذه القيم وإحلال لقيم أخرى غريبة باتت هى المحرك لتلك المجتمعات، كقيمة المال وقيمة المصلحة والغرض، وهذا ما أحدث فى المجتمع نوعًا من عدم الاستقرار ونوعًا من الانفصام الشخصى، الذى يؤدى بالضرورة إلى فقدان التوازن الذى يؤثر فى سلوك الفرد والمجتمع.
وتابع الإمام الأكبر: "وأما الطائفة الثانية من المهاجمين للأزهر فى بعض وسائل الإعلام، فهى طائفة ممولة ممنهجة تتصيد وتفتعل الصراعات بين الثوابت الفكرية والعقائدية للمجتمعات مع الحضارة المادية الجديدة، لتنفذ مخططات مدروسة لهدم كل ما هو أصيل فى هذه الأمة، وفى المقدمة مؤسسة الأزهر الشريف، لأن دعاة هذه الفتن يؤمنون بمفاهيم حضارية متسلطة لا تطيق أن يكون بجوارها فى العالم حضارة أخرى مختلفة عنها، على الرغم من أن هناك حضارات كانت تتعايش ويستفيد أهلها بعضهم من بعض، انظر مثلا إلى الفكر اليونانى والفكر الإسلامى فقد تعاونا إلى أبعد الحدود، وكذلك الفكر المسيحى والإسلامى، ولكن اختلف الأمر بعد ظهور الحضارة الغربية، التى تميزت برغبة التسلط وعدم تحمل استيعاب أى حضارة أخرى، كما تميزت بإقصاء الدين عن مناهج الحياة، ولذلك فإن العولمة الآن فى أوج هيمنتها الاقتصادية، والخطوة القادمة هى الهيمنة الثقافية ثم الاجتماعية، بحيث تعمم كل ما تراه هذه الحضارة فى جميع أنماط الفكر والسلوك والعمل.
وأوضح أن الشرق تحكمه قيم تختلف عن القيم فى الحضارة الغربية التى تبيح الإجهاض والشذوذ، ولذلك هناك مجموعة تعمل على مصادر القوة فى حضارتنا: الإسلام – القرآن – السنة، التى يَعُونَ تمامًا أنها مواطن قوة، فلا توجد حضارة ولا ثقافة صمدت 14 قرنًا والناس يلتفون حولها سوى الإسلام واللغة العربية التى لم تتغير مفرداتها عبر هذه القرون، لأن القرآن الكريم هو الذى حافظ على اللغة إلى أن وصلتنا وإلى أن تقوم الساعة، ولذلك فإن هناك محاولات من الغربيين والمستغربين من بنى جلدتنا لضرب اللغة العربية وإعادة اللغة العامية وإقصاء اللغة الفصحى، لأن عندهم تدابير لكل مرحلة من مراحل الشعور بالقوة بحيث يتحركون للسيطرة عليها، وقد نوهت فى بعض البرامج عن هذه المعركة التى مضى عليها الآن أكثر من 100 عام، وقلت: أن هؤلاء كمن يبيع مشروبًا عتيقًا فى جِرَارٍ جديدة.
واختتم الإمام الأكبر حديثه بأن ما يحدث الآن من الهجوم المتكرر على الأزهر والكذب عليه هدفه ترسيخ هذا الكذب فى عقول الناس ليصدقوهم، ولذلك يجب أن يكون الناس على علم بهذه الخلفيات وهم يرون هذه البرامج التى تفترى على الأزهر الذى هو عامل للاستقرار فى هذا المجتمع، بل فى كل المجتمعات الإسلامية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة