أصبح واضحا أكثر من أى وقت مضى، علاقة تنظيمات الإرهاب مثل داعش والنصرة بطبيعة الصراع على النفوذ فى الشرق الأوسط. وتبدو العلاقات والتشابكات أقرب للوغاريتمات معقدة، ويختلف الدور الذى لعبته تركيا وما تزال عن دور قطر. تركيا دخلت اللعبة بهدف السيطرة على مستقبل سوريا واقتطاع جزء منها فضلا عن مواجهة الأكراد، بينما قطر تمثل أداة ضمن لعبة أمريكية وأوروبية، وكانت تركيا محطة مرور المقاتلين من العالم إلى سوريا.
روسيا وإيران على النقيض من الدور التركى والأوروبى، وهناك إشارات إلى وجود علاقات للروس والأجهزة الروسية والإيرانية وحزب الله ببعض التنظيمات المسلحة داخل سوريا.
ظهرت هذه العلاقات، مؤخرا، فى الصفقة التى عقدتها قطر مع إيران وحزب الله لإطلاق سراح القطريين الذين تم خطفهم فى العراق، ودفعت الدوحة مبالغ قدرتها بعض التقارير بمليار دولار للخاطفين فى العراق والتابعين لحزب الله العراقى، واتصلت قطر بأطراف من جبهة النصرة لإخلاء بعض المناطق ضمن اتفاق المدن الأربع فى سوريا.
الاتهامات الروسية لبريطانيا بدعم الإرهابيين، وقبلها لتركيا، تكشف عن خطوط اتصال وتقاطع لداعش والنصرة مع أجهزة ودول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا جديدة، بل ورد بعضها فى كتب وأعمال سينمائية أمريكية. منها رواية جسد الأكاذيب Body of Lies عام 2008 والتى تحولت إلى فيلم بنفس الاسم، وتكشف عن تداخل الإرهاب بأجهزة الاستخبارات واستخدام العلاقات بالتنظيمات لاختراق بعضها البعض.
الفيلم قام ببطولته ليوناردو دى كابريو وراسل كرو، وهو من تأليف ديفيد إجناتيوس، وتدور حول عضو فى «سى آى إيه» يذهب إلى العراق لتعقب إرهابى مطلوب هو «سليم» يقف وراء تفجيرات فى هولندا، وأثناء مطاردة خلية إرهابية فى العراق، يتعرض دى كابريو «فارس» لمحاولة اغتيال وتتم معالجته فى قاعدة السيلية بقطر، ليعود إلى الأردن ويلتقى رئيس جهاز المخابرات هانى باشا.
ونشاهد العلاقات المعقدة والاختراقات والاتصالات بين أجهزة استخبارات وتنظيمات الإرهاب، ويكشف عن تنظيمات موازية ومحطات استخبارية تحت ستارات مختلفة، دارسين ومترجمين ومعلمين وموظفى خدمات محلات مطاعم وظائف عامة وإنسانية، ونكتشف عملاء الاستخبارات والقاعدة فى كل ركن، ويصل الأمر إلى أن الأمريكان نفذوا تفجيرا فى تركيا وألصقوه بمقرب من التنظيم ليضطروا سليم لإجراء مكالمة تليفون يحددون منها مكانه. رواية كتلة الأكاذيب أو جسد الأكاذيب، تتحدث عن السنوات الأولى لما بعد غزو العراق، وحجم الفوضى الذى حول العراق إلى مجال لأجهزة وتنظيمات تتداخل وتتقاطع فى معادلات معقدة. أمريكا اليوم تحارب تنظيمات ساعدت على قيامها قبل 25 عاما، حسب مسؤول أمريكى، كان يشير للقاعدة، باعتبار داعش تطورا لها، لكنها اليوم أكثر تشابكا وتعقيدا.