ينطلق مؤتمر "الأزهر العالمى للسلام"، ويم الخميس المقبل، بحضور عدد من القيادات الدينية من أنحاء العالم فى مقدمتهم البابا فرانسيس الثانى بابا الفاتيكان، الذى من المقرر أن يلقى كلمة فى ختام المؤتمر، عقب زيارته الرسمية للإمام الأكبر بمشيخة الأزهر الشريف، حيث يعتبر شيخ الأزهر هو أكبر شخصية دينية ممثلة لأهل السنة والجماعة والبابا فرانسيس هو أكبر شخصية دينية مسيحية فى العالم.
ويزور البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، مصر بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسى،حيث أصر البابا على إتمام زيارته عقب الحادث الإرهابى الذى ضرب كنيستين مارمرقس بالإسكندرية، ومارجرجس بطنطا.
ويناقش المؤتمر الذى يعقده الأزهر أربعة محاور رئيسية، تتمثل فى: معوقات السلام فى العالم المعاصر.. المخاطر والتحديات، إساءة التأويل للنصوص الدينية وأثره على السلم العالمى، الفقر والمرض بين الحرمان والاستغلال وأثرهما على السلام، ثقافة السلام فى الأديان بين الواقع والمأمول.
ويوجه المؤتمر، الذى ينعقد على مدار يومين، رسالةً مشتركةً للعالمِ كُلِّه بأنَّ رموز وممثلى الأديانِ المجتمِعِين فى رِحابِ الأزهرِ الشَّريفِ يُجمِعون على الدَّعوةِ إلى السَّلام بينَ قادةِ الأديانِ وكافة المُجتَمَعاتِ الإنسانية، ويُؤكِّدونَ انطِلاقًا من الثِّقةِ المُتَبادَلةِ بينَهم، على دعوةِ أتباعِ الأديانِ للاقتِداءِ بهم، والعمَلِ بهذه الدَّعوَةِ يَدًا واحدةً من أجلِ نَبْذِ كُلِّ أسبابِ التَّعصُّبِ والكراهيةِ، وتَرسِيخِ ثَقافةِ المحبَّةِ والرحمةِ والسَّلامِ بين الناس.
و يأتى هذا فى إطار الجهود الحثيثة التى يقودها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، من أجل نشر ثقافة المحبة والتسامح والتعايش المشترك وتحقيق سلام عادل وشامل للبشرية جمعاء.
بادر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بإطلاق دعوة السلام بين الأديان، وذلك عند زيارته للفاتيكان، حين زار الفاتيكان فى مايو الماضى ليكسر قطيعة دامت أكثر من 7 سنوات بعد تصريحات البابا السابق بنديكتوس السادس عشر فى جامعة رايتسبون، وخلال محاضرة استشهد فيها البابا بكلام فيلسوف ربط بين الإسلام والعنف بعد تفجير كنيسة القديسين نهاية عام 2010، وكذلك كنيسة سيدة النجاة بالعراق، الأمر الذى تسبب فى أزمة دبلوماسية وسياسية كبيرة.
وبدوره قرر الأزهر تجميد الحوار مع الفاتيكان لأجل غير مسمى، ووهب مجمع البحوث الإسلامية للتأكيد على ذلك عبر بيان رسمى، حتى أن مصر أعلنت آنذاك عن استدعاء سفيرتها لدى الفاتيكان احتجاجا على تصريحات البابا الذى دعا أكثر من مرة إلى حماية مسيحيى الشرق الأوسط، فيما طالب الاتحاد الأوروبى باتخاذ موقفًا موحدًا بهذا الشأن.
وكان من أولى ثمرات تلك الزيارة أنه عقد فى 22 فبراير الماضى أول جلسات الحوار بين المؤسستين الدينتين الأكبر فى العالم، عقب قطيعة امتدت سبع سنوات، حيث تم اختيار قضية «دور الأزهر الشريف والفاتيكان فى مجابهة ظاهرة التعصب والتطرف والعنف باسم الدين».
قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن هذه الزيارة تمثل حدثًا مهمًا وتؤكد على وعى قادة المؤسسات الدينية كافة وإدراكهم لخطورة التحديات ووجوب العمل المشترك بين القيادات الإسلامية والمسيحية للتصدى الفكرى للجماعة المتطرفة والإرهابية وتعريتها وفصلها عن الديانات وتعاليمها لتبقى فى دائرة الإجرام والإرهاب لتحقيق مصالح لا علاقة لها بشريعة من الشرائع.
وأضاف وكيل الأزهر الشريف، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، كما يدل الإصرار المحمود على تنفيذ الزيارة فى موعدها وبرنامجها المحدد سلفا على الثقة الكاملة فى قدرة مصر على توفير الجو الآمن تماما للزائرين، مشددًا على أن الحوادث الإرهابية المتفرقة لم تؤثر على ما عرفت به مصر من أنها بلد الأمن والأمان، كما تؤكد زيارته للأزهر على جدية الحوار بين الأزهر والفاتيكان الذى تم استئنافه عقب زيارة شيخ الأزهر للفاتيكان.
من جانبه، قال الدكتور محى الدين عفيفى، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، زيارة بابا الفاتيكان البابا فرانسيس لمصر تعد زيارة تاريخية ومهمة فى هذه المرحلة الفارقة، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التى حدثت فى مصر بسبب تربص جماعات العنف والإرهاب ومحاولتها لإحداث الفتنة فى مصر هذه الزيارة تؤكد دور القادة الدينيين ودور المؤسسات الدينية فى إقرار السلام والتعايش بين الشعوب، وأنه لا سلام فى هذه الحياة إلا من خلال بيان المفاهيم الصحيحة والمبادئ التى جاءت بها الأديان ومن أبرزها السلام والتعايش بين جميع الشعوب.
وأضاف عفيفى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن هذه الزيارة تعد ردا عمليًا على محاولات تلك الجماعات المجرمة التى ترمى إلى تمزيق الوطن من خلال إحداث الفتن الطائفية، كما تعد أيضا تثمينا وتقديرا للدور الحضارى للأزهر الشريف وقدر هذه المؤسسة العلمية التى تنشر الوسطية والتى تبين مبادئ الإسلام ورؤيته للأديان واحترامه للإنسان وتجسد الدور الحضارى لمصر ومكانة مصر بلد الأزهر الشريف،حيث كانت ولازالت مصر مصدر للإشعاع الحضارى لجميع دول العالم من خلال علماء الأزهر ومن وفدوا إليه وتعلموا فى أروقته ومعاهده وكلياته.
من جانبه، قال الدكتور اللواء نبيل لوقا بباوى،الكاتب والمفكر القبطى، هى مبادرة طيبة أن يحضر بابا الفاتيكان رغم الأحداث الأخيرة، مشيرًا إلى أن هناك تأكيدات له من خلال أجهزة استخباراتية أن مصر آمنة وأن ما حدث هو حادث عرضى المقصود منه إحراج الحكومة المصرية بعد زيارة السيسي لأمريكا وإفشال أثرها، ومحاولة تصدير فكرة أن مصر لا تصلح للاستثمار ولا للسياحة، موضحًا أن الإرهاب ليس فى سيناء فقط بل فى كل محافطات مصر والدليل الأحداث الأخيرة فى أكبر محافظتين بعد القاهرة.
وأضاف لوقا، لـ"اليوم السابع"،أن الأحداث التى وقعت رسالة للعالم لإفساد نتائج زيارة الرئيس ومحاولة إفساد زيارة بابا الفاتيكان، مضيفا أن البابا فرانسيس يثق أن ما حدث هو حادث عرضى وليس أصل فى مصر حدوث مثل تلك الحوادث الإرهابية.
فيما قال الدكتور إبراهيم نجم،مستشار مفتى الجمهورية، إن الزيارة تعكس مدى ثقة بابا الفاتيكان الكبيرة فى مصر قيادة وشعبًا وقدرتها على مواجهة تيارات التطرف والإرهاب والقضاء عليها واستئصال جذورها، وتوجِّه رسالة سلام للعالم من أرض الكنانة.
وأضاف نجم، لـ"اليوم السابع"، أن الزيارة سيكون لها مردودها الإيجابى للعالم أجمع بأن مصر بلد السلام والأمان، وأنها قادرة وبكل قوة وبتكاتف جميع أفراد الشعب المصرى، مسلميه ومسيحيه، على اجتثاث جذور الإرهاب اللعين،كما أن الزيارة لها مردود آخر بقوة ومتانة العلاقات بين الأزهر والفاتيكان، وبدء صفحة جديدة من العلاقات بينهما خاصة أن العالم أجمع يتطلع بين القمة الدينية التى ستجرى فى الأزهر بين زعيمين دينيين يتحدثون ويمثلون ما يقرب من نصف العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة