ألا يوجد فترة صلاحية للمعارضة مثلما توجد مدد محددة للسلطة؟ لا يمكن أن تصبح صلاحية الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، وسعدالدين إبراهيم، وحمدين صباحى، وممدوح حمزة، ويسرى فودة، ومحمد البرادعى، وعلاء الأسوانى، وباقى المعارضة «الفاشلة» سياسيا عن جدارة واستحقاق، مستمرة فى كل العصور، وكأنها متحصنة ضد «التلف والتعفن»؟
لا العوامل البيولوجية أو المتغيرات السياسية والحراك الاجتماعى والاقتصادى والثقافى، السريعة، تؤكد أن المعارضة فى أى دولة من الدول، صالحة لكل العصور، ولكل المذاهب السياسية، إلا فى مصر، تجد المعارضين بلغوا من العمر أرذله، وعايشوا كل العصور، بدءا من ثورة 1952، ومرورا بعصر جمال عبدالناصر، والسادات، ومبارك، وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسى، مستمرين فى الاستئثار بالمشهد العام، «ويأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم».
يطالبون الدولة بمنح الفرصة للشباب، وتجدهم، يضعون كل العراقيل أمام شباب أحزابهم، وكياناتهم السياسية، فلا تجد شابا فى حزب الدستور، أو الكرامة أو التيار الشعبى وغيرها من الأحزاب والكيانات السياسية، أظهروا كرامات، وقادوا العمل الحزبى بنجاح، ولكن لا تجد إلا حمدين صباحى، وعبدالمنعم أبوالفتوح، والبرادعى، وممدوح حمزة، يستأثرون بالسلطة والشهرة.
بينما يكتفون بشحن صدور الشباب بالسخط والغضب ضد الدولة، ومؤسساتها المختلفة، ودفعهم إلى الاحتجاج والتظاهر والرفض من أجل الرفض، وتقليم أظافر موهبتهم وقدراتهم فى أن يصبحوا كوادر سياسية واعدة، قادرة على الممارسة السياسية بشكل مختلف ورائع، ويمثلون قوة مضافة لمعادلة إثراء العمل السياسى والحزبى فى مصر.
وعليه، فإن المعارضة المصرية التى اختصرها صباحى وأبوالفتوح والبرادعى، ورفقاؤهم، فى شخوصهم المتواضعة «سياسيا»، أصبحت أفكارهم المعلبة، منتهية الصلاحية، وأضرارها بالغة السوء على «صحة المصريين»، والتعاطى معها سيؤدى إلى الموت المحقق.
سعدالدين إبراهيم، الرجل «الخزعبلاوى»، يرى فى نفسه أن مدة صلاحيته السياسية مستمرة إلى آخر نفس فى حياته، دون النظر لعوامل التغيير التى فاقت سرعتها، الصواريخ الأمريكية الاستراتيجية «توما هوك»، محليا وإقليميا ودوليا، وأن الخريطة الجغرافية والتركيبة السكانية، والتقدم العلمى، والثورة المذهلة فى الاتصالات، والتواصل بين سكان كوكب الأرض، والنظريات السياسية والاقتصادية، والصراعات العسكرية، دهست كل أفكاره المعلبة، وانتهت صلاحياتها منذ سنوات طويلة.
نفس الأمر ينطبق على معظم كهنة المعارضة فى مصر من صباحى للبرادعى لأبوالفتوح، وممدوح حمزة، جميعهم انتهت مدة صلاحياتهم، وأصبحوا جزءا من الماضى العتيق الشبيه بالديناصورات، وفى طريقهم للاندثار والزوال.
سعد الدين إبراهيم ، الذى شمر عن ساعديه للهجوم على كل الأنظمة، واتخذ من مبارك عدوا، وارتمى فى حضن أمريكا، ضد مبارك ونظامه، ولعب دورا خطيرا فى تشويه الوضع المصرى حينذاك، واستمر بعد 25 يناير، وساند الإخوان، ثم انقلب عليهم عندما شمر عن ساعديه فى 30 يونيو لدعم الثورة، ثم سرعان ما اعتبر السيسى منقذا، ثم عاد إلى سيرته الأولى عقب ثورة 25 يناير، يدعم الإخوان حاليا ومن جديد، وكأن ذاكرة المصريين شبيهة بذاكرة السمك، تنسى تلونه السياسى، ومواقفه المبنية على تحقيق مصالحه الشخصية، دون النظر إلى مصلحة الوطن أو المواطنين.
آخر نظريات سعدالدين إبراهيم، ما طرحه فى حوار له مؤخرا لصحيفة قطرية، طالب فيها بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو المطلب رقم 7 له خلال عام، حيث كان قد طرح 6 مطالب بانتخابات رئاسية مبكرة فى مصر خلال عام 2016 فقط، والسابعة مع بداية عام 2017.
ووجدنا كلا من ممدوح حمزة، ووائل غنيم، وعبدالمنعم أبوالفتوح، يرددون نفس اللحن لنفس أغنية الهذيان السياسى، والخراب المدمر للوطن، وكأن هؤلاء لم يكفيهم تخريبا وتدميرا لمصر، طوال السنوات الست الماضية.
تحديدا ممدوح حمزة ووائل غنيم، اللذان لعبا دورا رئيسيا فيما آلت إليه مصر حاليا، من تأجيج وإثارة الفوضى، وتمكين الإرهابيين من السيطرة على السلطة، وبعدما وصلت مصر إلى حافة الهاوية، فر وائل غنيم، وقفز من السفينة عائدا إلى حضن الولايات المتحدة الأمريكية، الحاضنة له وللبرادعى ومحمد سلطان وأية حجازى، وكل من ساهم بشكل أو بآخر فى إسقاط البلاد فى بحور الفوضى يوم 25 يناير 2011.
الواضح للعيان، أن أبطال المشهد يوم 25 يناير، سواء وائل غنيم أو البرادعى وأيمن نور وبلال فضل ويسرى فودة، وغيرهم من الذين حصلوا على الحقوق الحصرية للثورة، جميعهم «ولوا الدبر»، ويعيشون خارج مصر متنقلين بين الدول الأوروبية، وأمريكا، ويرتادون المنتجعات السياحية الفاخرة، ويستمتعون بالوضع الأمنى، والمعيشة المريحة، ويتقاضون مرتبات باليورو والدولار.
هؤلاء لم يستطيعوا العيش فى مصر بعد أكبر ثورة تخريب للوطن عبر تاريخ مصر، وفروا هاربين تحت شعارت الكذب والخداع، بأنهم مضطهدون، ويسددون فاتورة دعمهم ومشاركتهم فى الثورة، وهو أمر مدبر بعناية فائقة، فعندما أيقنوا أن الأوضاع صارت فى مصر بعد الثورة كارثية، ولن يحصلوا على الأموال والشهرة، التى حققتها لهم الثورة، قرروا رفع شعار الاضطهاد، للاستثمار والمتاجرة بها أمام المنظمات والجهات الدولية الكارهة لمصر، ومن ثم يقدمون لهم فرص عمل بمبالغ خيالية، وتهيئة الأجواء للاستعانة بهم كخنجر فى ظهر مصر.
لحن الانتخابات الرئاسية المبكرة فى أغنية الخراب والدمار، لن يتكرر من جديد، ولن يكون طُعما يقدمه هؤلاء للغلابة والبسطاء، لهدم مصر من جديد، ولن يرضى شرفاء الوطن أن يكونوا لعبة فى أيدى هؤلاء الجاثمين على صدور المصريين فى كل العصور، رغم أن صلاحيتهم «انتهت».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة