تجرى وزارة الأوقاف استعدادات مبكرة لاستقبال شهر رمضان المبارك، وذلك من خلال تشديد سيطرتها على المساجد منعًا لوصول المتطرفين إلى منابرها واستغلالها خلال الاعتكاف، حيث أكدت الوزارة أن الاعتكاف فى العشر الأواخر من رمضان سنة عن "الرسول"- صلى الله عليه وسلم.
وقال جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، أن الوزارة حددت عدد من الضوابط لتنظيم الاعتكاف وهى 7 ضوابط على النحو التالى..
أولا:
أن يكون الاعتكاف بالمسجد الجامع لا بالزوايا ولا بالمصليات، فالزوايا والمصليات تكون لأداء الصلوات الراتبة فقط، ولا مجال فيها لإقامة شعائر الجمعة والاعتكاف، فالمسجد الذى لا تقام به الجمعة التى هى فرض لا يقام به الاعتكاف الذى هو سنة.
ثانيًا:
أن يكون الاعتكاف تحت إشراف إمام من أئمة الأوقاف أو واعظ من وعاظ الأزهر الشريف أو خطيب مصرح له من وزارة الأوقاف تصريحاً جديداً لم يسبق إلغائه.
ثالثًا:
أن يكون المكان مناسباً من الناحية الصحية ومن حيث التهوية وخدمة المعتكفين، بناء على تقرير يرفع من مدير الإدارة التابع لها المسجد لمدير المديرية.
رابعًا:
أن يكون المعتكفون من أبناء المنطقة المحيطة بالمسجد جغرافياً المعروفين لإدارة المسجد، وأن يكون عددهم مناسباً للمساحة التى يقام بها الاعتكاف والخدمات اللازمة للمعتكفين، ويقوم المشرف على الاعتكاف بتسجيل الراغبين فى الاعتكاف وفق سعة المكان قبل بداية الاعتكاف بأسبوع على الأقل.
خامسًا:
أن تكون إدارة الأوقاف التابع لها المسجد مسئولة مسئولية كاملة عن إدارة شئون الاعتكاف وعن أى خلل يحدث فيه، ولها حق متابعته من خلال التنسيق مع المشرف على الاعتكاف.
سادسًا:
أن يتم اعتماد المسجد من قبل وزارة الأوقاف كمسجد مصرح له بالاعتكاف.
سابعًا:
عدم السماح بمخالفة الضوابط السابقة، وفى حالة مخالفتها يعد اجتماعًا خارج إطار القانون تتخذ ضده الإجراءات اللازمة.
تحذير من الأوقاف
وأضاف رئيس القطاع الدينى خلال تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الوزارة تحذر من السماح لأى جماعة أو جمعية من توزيع أى كتب أو منشورات داخل المساجد، واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه من يفعل ذلك بالمخالفة للقانون.
وأوضح أنه لن يسمح بجمع المال داخل المسجد إلا للجهات التابعة للأوقاف المصرح لها رسميا بالجمع كلجان البر ومجالس الإدارات الرسمية، وعلى أن يكون ذلك بإيصال رسمى معتمد ومختوم بختم واضح وموقع توقيعا واضحا باسم من يحصل المبلغ ثلاثيا على الأقل، مع التأكيد على عدم دفع أى أموال دون هذه الإيصالات المعتمدة لأى شخص مهما كان اسمه أو موقعه، حتى لا تقع هذه الأموال فى يد من قد يستخدمها لمصالحه الخاصة أو ضد المصلحة الوطنية، مع اعتبار متابعة تلك التعليمات مسئولية جميع العاملين بالأوقاف، كل فيما يخصه وفى نطاق مسئوليته.
وكشف "طايع"، أنه جار تحديد المساجد التى سيقام فيها سنة الاعتكاف، حيث تقوم كل مديرية بإرسال كشوف بأسماء المساجد وسيتم إعلانها قريبًا.
حكم الاعتكاف
ومن جانبها، قالت دار الإفتاء المصرية أن الاعتكاف مستحبٌّ شرعًا، ولا يكون واجبًا إلا بالنذر، ولا يلزم بالشروع فيه إلا عند المالكية، ويجوز أن يكون فى أى مسجدٍ ولو بجوار البيت.
وتابعت: "السنة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان؛ تأسيًا بـ"النبى"- صلى الله عليه وآله وسلم- فى ذلك، وأقل مدَّةٍ للاعتكاف هى أقل ما يُطْلَقُ عليه اسم الاعتكاف عُرْفًا، حتى أنه يجوز للمصلِّى إذا دخل المسجد أن ينوى الاعتكاف مهما كان مكثه فيه ليحصل له ثوابه، ويجوز أن يعتكف المسلم شهرًا لو أراد، بشرط أن لا يضيع واجباته الدينية أو الدنيوية، فإن كثيرا من المسلمين يعتكفون فى المساجد فى العشر الأواخر من رمضان مقتدين بالنبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك، لكن هناك من يروج للمنع من الاعتكاف إلا فى المساجد الثلاثة".
الرد على منع الاعتكاف إلا فى المساجد الثلاثة
قالت دار الافتاء أن حكم الاعتكاف فى غير المساجد الثلاثة المسجد الحرام والحرم النبوى وبيت المقدس أنه جائز، فأى مسجد -له حكم المسجدية- يجوز الاعتكاف فيه، والدليل على ذلك أن الله تعالى أطلق ذكر المساجد ولم يقيدها بشىء، حيث قال تبارك وتعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِى الْمَسَاجِدِ﴾، قال البيضاوى فى تفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل 1/ 126، ط. دار إحياء التراث العربي): «وفيه دليل على أن الاعتكاف يكون فى المسجد، ولا يختص بمسجد دون مسجد».
وأما تخصيص الاعتكاف بالمساجد الثلاثة فقد ورد من قول حذيفة بن اليمان رضى الله عنه مرفوعا وموقوفا، فمن الطرق المرفوعة ما أخرجه البيهقى فى «السنن الكبرى» قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوى أنبأ أبو نصر محمد بن حمدويه بن سهل الفازى، ثنا محمود بن آدم المروزى، ثنا سفيان بن عيينة، عن جامع بن أبى راشد، عن أبى وائل، قال: قال حذيفة لعبد الله يعنى ابن مسعود رضى الله عنه: عكوفا بين دارك ودار أبى موسى وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا اعتكاف إلا فى المسجد الحرام» أو قال: «إلا فى المساجد الثلاثة» فقال عبد الله: لعلك نسيت وحفظوا أو أخطأت وأصابوا، الشك منى.
ومن الردود على ذلك لأهل العلم أنه يمكن أن يكون حذيفة أخذه من حديث ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد))، فيكون كلامه فى المسألة غير مستند على منطوق، بل على فهم فهمه من حديث آخر، فلا يكون هناك حجة فى المتن المذكور؛ وقد صرح بعض أهل العلم بذلك، منهم: الفخر الرازى وابن رشد الحفيد.
ما يحرم على المعتكف من النساء
اتفق الفقهاء على أن جماع المرأة عمدًا يُفسد الاعتكاف، وأن المباشرة بالتقبيل واللمس لشهوة حرامٌ فى حال الاعتكاف، ولكنهم اختلفوا فى المباشرة بالتقبيل واللمس؛ هل تفسد الاعتكاف أم لا؟ والجمهور على أنها تبطل الاعتكاف إذا اتصل بها إنزال، وإلا فلا.
أما إذا لم يكن اللمس لشهوة، ولم يُقصد بالتقبيل اللذة، فإنه لا يُفسد الاعتكافَ ولا حرمة فيه، إلا أن المالكية قالوا بأن التقبيل فى الفم يُفسد الاعتكاف؛ سواء كان بشهوة أو بغيرها.
فالمعتكف أن دخل بيته لحاجة وكان يأمن على نفسه من الإنزال عند تقبيل امرأته لوداع أو نحوه، فإنه يجوز له تقبيلها ولا يفسد اعتكافه، ولا إثم عليه فى ذلك، ولكن الأَوْلى أن لا يقبِّل فى الفم؛ خروجًا من خلاف من قال بأنه يُفسد الاعتكاف مطلقًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة